وإما أن لا تكون الأجزاء الأرضية، مثلا، تقتضى، فى كل مركب، مثل ذلك التركيب، أن تكون إذا امتزجت يلزمها من خارج؛ بل ذلك قد يتفق فى بعضها اتفاقا. ولو كان كذلك لكان ذلك الأقل، ولم يكن كل مثل ذلك التركيب موجبا لاختلاف ذلك التميز، وكان يمكن أن يوجد من اللحوم لحم من نوعه يقطر كله، أو يرسب كله، ولا يقطر. وكذلك كان يجب أن لا يكون التحليل معينا للحيوانات والنبات بإفناء مادة وإبقاء مادة، أغنى فناء المتحلل الرطب، وإبقاء اليابس.
ثم لننظر أن العناصر، إذا اجتمعت، فما الذى يبطل صورها الجوهرية. فلا يخلو إما أن يظن أن النار، مثلا، تبطل صورة الأرض منها أو شىء خارج عنها، يكون ذلك الشىء من شأنه أن يبطل صورتها إذا اجتمعت. فإن كانت النار تبطل صورة الأرض، فإما أن تكون مبطلة لصورة الأرض وناريتها موجودة، أو مبطلة وناريتها معدومة.
فإن أبطلت، والنار معدومة، فيكون إبطالها الصورة الأرضية بعد عدم النارية أو مع عدم النارية. وعدم ناريتها فى هذا الموضع إنما هو أيضا بسبب الأرض. والكلام فى ذلك هو الكلام بعينه. فيكون حاصل ما ذكرناه أنه لما عدمت النارية والأرضية أبطلت إحداهما صورة الأخرى، وهذا محال.
وإما أن يكون شىء آخر خارج هو الذى يبطل صورة كل واحد منها إذا اجتمعت.
فإن كان يحتاج فى أبطال الصورة النارية، مثلا، وإعطاء الصورة الأخرى، إلى الأرض، والأرض موجودة، أو الأرض معدومة، فقد دخلت الأرض فى هذه المعونة، وعاد الكلام من رأس.
وإن كان لا يحتاج فلا حاجة إلى المزاج فى سلب الصورة النارية وإعطاء الصورة الأخرى، بل البسيط يجوز أن تتكون عنه الكائنات بلا مزاج.
Bogga 135