ثم مال كل واحد منهم إلى اختبار عنصر واحد. فيشبه أن يكون أقدمهم من رأى أن العنصر الواحد هو الماء. ودعاه إلى ذلك ظنه أن العنصر ينبغى أن يكون مطاوعا للتشكل والتخليق حتى يكون منه ما هو عنصر له. فكل ما هو اشد مطاوعة لذلك فهو أولى بالعنصرية. ثم وجد هذه المطاوعة كأنها فصل خاص بالرطوبة؛ والناس كلهم يعتقدون أن الرطوبة ماء، أو شىء الغالب عليه الماء فجعل الماء البسيط هو العنصر.
قال ولهذا ما نرى الحيوانات لا تتخلق إلا من الرطب، وهو المنى.
والذىن رأوا أن الاسطقس هو الأرض، وهم قليل وغريب، فقد دعاهم إلى ذلك وجود جل الكائنات الطبيعية مستقرة على الأرض إلى مكان الأرض بالطبع، فحكموا من ذلك أن الأرضية هى جوهر الكائنات كلها.
وأما الذىن رأوا أن الاسقطس نار فقد دعاهم إلى ذلك ما ظنوه من كبر جوهره، كأنهم استحقروا حجم الأرض والماء والهواء فى جنبته؛ إذ السموات المشعة والكواكب المضيئة كلها عندهم نارية. وحكموا بأن الجرم الأكبر مقدارا هو الأولى أن يكون عنصرا، وخصوصا ولا جسم أصرف فى طبيعته من النار، وأن الحرارة هى المدرة فى الكائنات كلها، وما هو الهواء إلا نار مفترة ببرد البخار، وما البخار إلا ماء متحلل. وما الماء إلا نار مكثفة، وهواء مكثفا ماء. ولو كان للبرد عنصر يتصور به، ولم يكن البرد أمرا عرضيا يعرض لذلك العنصر الواحد، لكان فى العناصر بارد، برده فى وزن شدة حر النار.
Bogga 87