يعرض لمادتها، ليس ذلك مما يتعلق به استكمال مادتها بصورتها ولا استكمال صورتها في نفسها. واعلم أن السطح مادة عقلية لصورة الدائرة وبسببه يقع لها الإنقسام، ولو كان يتعلق بها استكمال مادتها لكان من اللازمات التي لا يخلو الشيء عنها، لا من المقومات كما مضى لك شرحه. وليس ما نحن فيه كذلك، بل يخلو الشيء منها. وما يجري مجرى الأصبع أيضا فإنه ليس يحتاج الإنسان في أن يكون حيوانا ناطقا إلى أصبع، بل هذا من الأجزاء التي لمادته ليحسن بها حال مادته. فما كان من الأجزاء إنما هو بسبب المادة، وليس تحتاج إليه الصورة، فليست هي من أجزاء الحد البتة. لكنها إذا كانت أجزاء المادة ولم تكن أجزاء للمادة مطلقا، بل إنما تكون أجزاء لتلك المادة لأجل تلك الصورة، وجب أن تؤخذ في حدها تلك الصورة. وذلك النوع فيكون أيضا مع المادة مثلما أن الأصبع ليس جزءا مناسبا للجسم مطلقا، بل للجسم الذي صار حيوانا أو إنسانا. وكذلك الحادة والقطعة ليس جزءا للسطح الذي صار قائمة أو دائرة.فلذلك تؤخذ صورة هذه الكلات في حدود هذه الأجزاء. ثم تفترق هذه الأمثلة الثلاثة. فإن الإصبع في الإنسان جزء بالفعل، فإذا حد أو رسم الإنسان من حيث هو شخص كامل إنساني وجب أن يوجد الإصبع حينئذ في رسمه لأنه يكون له ذلك جزءا ذاتيا في أن يكون شخصا كامل الأعراض ولا يكون مقوما لطبيعة نوعه. إذا قلنا مرارا: إن ما يتقوم ويتم به الشخص في شخصه هو غير ما تتقوم به طبيعة النوع. فهذا القسم من الجملة التي الجزء فيها جزء بالفعل، وأما ذانك الآخران فليس الجزء فيهما جزء بالفعل. ويشبه أن تكون الدائرة إذا قسمت بالفعل إلى قطع بطلت الوحدة لسطحها وبطل عنها أنها دائرة، إذ لا يكون المحيط خطا واحدا بالفعل بل كثيرا، اللهم إلا أن تكون الأقسام بالوهم وبالفرض لا بالفعل وبالقطع. وكذلك حكم القائمة. ثم الدائرة والقائمة يختلفان في شيء وهو أن قطعة الدائرة لا تكون إلا من دائرة بالفعل. والحادة ليس من شرطها في الوجود أن تكون جزء زاوية أخرى، ولا أنها هي حادة بالقياس إلى المنفرجة والقائمة، بل هي في نفسها حادة بسبب وضع أحد ضلعيها عند الآخر. ولكنها من جهة أن ذلك الوضع من حيث هو وضع وقعت فيه الإضافة، لأن الميل والقرب بين الخطوط بعضها إلى بعض أو البعد فيما بينها مما تتعلق به إضافة ما عرض أن يتعلق البيان للمادة بالإضافة، وإن لم يدل على هذه الإضافة بالفعل لصعوبتها فقد دل عليها بالقوة في إدخال إضافة بالفعل. ثم لما كانت الزاوية السطحية إنما تحدث عن قيام خط على خط، وكان الميل الذي يحدث هو ميل عن اعتدال ما وجهة ما، لأنا لو أخذنا قرب أحد الخطين من الآخر مطلقا وأخذنا ميله إليه مطلقا من غير تعيين الميل
Bogga 125