اكتنفت أعراض زيد. فإن نظرت إلى الإنسانية بلا شرط آخر فلا تنظرن إلى هذه الإضافات، فهي على ما علمناك. فقد بان أنه ليس بمكن أن تكون الطبيعة توجد في الأعيان وتكون بالفعل كلية، أي هي وحدها مشتركة للجميع. وإنما تعرض الكلية لطبيعة ما إذا وقعت في التصور الذهني، وأما كيفية وقوع ذلك فيجب أن نتأمل ما قلناه في كتاب النفس. فالمعقول في النفس من الإنسان هو الذي هو كلي، وكليته لا لأجل أنه في النفس، بل لأجل أنه مقيس إلى أعيان كثيرة موجودة أو متوهمة حكمها عنده حكم واحد. وأما من حيث أن هذه الصورة هيئة في نفس جزئية فهي أحد أشخاص العلوم أو التصورات، وكما أن الشيء باعتبارات مختلفة يكون جنسا ونوعا، فكذلك بحسب اعتبارات مختلفة يكون كليا وجزئيا. فمن حيث أن هذه الصورة صورة ما في النفس ما من صور النفس فهي جزئية، ومن حيث أنها يشترك فيها كثيرون على أحد الوجوه الثلاثة التي بينا فيما مضى فهي كلية، ولا تتناقض بين هذين الأمرين. لأنه ليس بممتنع اجتماع أن تكون الذات الواحدة تعرض لها شركة بالإضافة إلى كثيرين. فإن الشركة في الكثرة لا تمكن إلا بالأضافة فقط، وإذا كانت الإضافة لذوات كثيرة لم تكن شركة، فيجب أن تكون إضافات كثيرة لذات واحدة بالعدد. والذات الواحدة بالعدد من حيث هي كذلك فهي شخصية لا محالة، والنفس نفسها تتصور أيضا كليا آخر يجمع هذه الصورة، وأخرى في تلك النفس أو في نفس غيرها، فإنها كلها من حيث هي في النفس تحد بحد واحد. وكذلك قد توجد اشتراكات أخرى، فيكون الكلي الآخر يمايز هذه الصورة بحكم له خاص وهو نسبته إلى أمور في النفس، وهذه إنما كانت نسبتها الجاعلة إياها كلية هي إلى أمور من خارج على وجه أن أي تلك الخارجات سبقت إلى الذهن فجائز أن يقع عنها هذه الصورة بعينها. وإذا سبق واحد فتأثرت النفس منه بهذه الصفة لم يكن لما خلاه تأثير جديد إلا بحكم هذا الجواز المعتبر، فإن هذا الأثر هو مثل صورة السابق قد جرد عن العوارض وهذا هو المطابقة. ولو كان بدل أحد هذه المؤثرات أو المؤثر بها شيء غير تلك الأمور المعروفة وغير مجانس لها لكان الأثر غير هذا الأثر، فلا يكون مطابقة. وأما الكلي الذي في النفس بالقياس إلى هذه الصورة التي في النفس، فهذا الاعتبار له بحسب القياس إلى أي صورة سبقت من هذه الصور التي في النفس إلى النفس. ثم هذه أيضا تكون صورة شخصية من حيث هي على ما قلناه، ولأن في قوة النفس أن تعقل، وتعقل لأنها عقلت، وتعقل أنها عقلت أنها عقلت، وأن تركب إضافات في إضافات، وتجعل للشيء الواحد أحوالا مختلفة من المناسبات إلى غير النهاية
Bogga 104