ملوحته، على عادة العرب فيما يعدونه للشراب. فدلت هذه العلة على جواز التوضوء به سفرًا وحضرًا، وعلى جواز الغسل [به] وإن ورد في الوضوء: لاطراد العلة، إذ لو كان المبيح له هو السفر لما استقام هذا التعليل. ولا يحمل على النبيذ؛ إذ وصفه بهذه الصفة كوصف العصيدة بأنها تمرة طيبة وماء طهور. بل نحمله على ما يتميز فيه التمر بعينه عن الماء، ولم تجر بينهما إلا ملاقاة.
ومن هذا القسم: قوله ﵇: «لعن الله اليهود: اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» نبه على أنه علة اللعن، وتنبهنا به على تحريم اتخاذ قبور الأنبياء مساجد. ولو لم يكن كذلك: لم يكن لذكر اتخاذهم [القبور] مساجد معنىً في هذا المقام.
ومن الخيال الباطل، أن يقول القائل: أخبر عن لعنهم وهم ملعونون، ولم يذكر سببه: لأن سببه الكفر؛ وأخبر عن اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد. فهما خبران عن مخبرين، لا اتصال لأحدهما بالآخر.
1 / 42