115

Dawada Xanuunka

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل

Baare

-

Daabacaha

دار المعرفة،بيروت

Lambarka Daabacaadda

١٣٩٨هـ/١٩٧٨م

Goobta Daabacaadda

لبنان

متفضلا وقد قسم الله خلقه إلى قسمين لا ثالث لهما تائبين وظالمين فقال: ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ وكذلك جعلهم قسمين معذبين وتائبين فمن لم يتب فهو معذب ولا بد قال تعالى: ﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ وأمر جميع المؤمنين من أولهم إلى أخرهم بالتوبة ولا يستثنى من ذلك أحد وعلق فلاحهم بها قال تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وعدد سبحانه من جملة نعمه على خير خلقه وأكرمهم عليه وأطوعهم له وأخشاهم له أن تاب عليه وعلى خواص أتباعه فقال: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ﴾ ثم كرر توبته عليهم فقال: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وقدم توبته عليهم على توبة الثلاثة الذين خلفوا وأخبر سبحانه أن الجنة التي وعدها أهلها في التوراة والإنجيل أنها يدخلها التائبون فذكر عموم التائبين أولا ثم خص النبي والمهاجرين والأنصار بها ثم خص الثلاثة الذين خلفوا فعلم بذلك احتياج جميع الخلق إلى توبته عليهم ومغفرته لهم وعفوه عنهم وقد قال تعالى لسيد ولد آدم وأحب خلقه إليه عفا الله عنك فهذا خبر منه وهو أصدق القائلين أو دعاء لرسوله بعفوه عنه وهو طلب من نفسه وكان ﷺ يقول في سجوده أقرب ما يكون من ربه: "أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بعفوك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" وقال لأطوع نساء الأمة وأفضلهن وخيرهن الصديقة بنت الصديق وقد قالت له يا رسول الله لئن وافقت ليلة القدر فما أدعو به قال: "قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" قال الترمذي حديث حسن صحيح وهو سبحانه لمحبته للعفو والتوبة خلق خلقه على صفات وهيئات وأحوال تقتضي توبتهم إليه واستغفارهم وطلبهم عفوه ومغفرته وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" والله تعالى يحب التوابين والتوبة من أحب الطاعات إليه ويكفي في محبتها شدة فرحه بها كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ: "قال الله ﷿: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني والله للهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في الفلاة" وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود عن رسول الله ﷺ: "للهُ أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال أرجع إلى المكان الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده" وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير يرفعه إلى النبي ﷺ قال: "للهُ أشد فرحا بتوبة عبده من رجل حمل زاده ومزاده على بعير ثم سار حتى كان بفلاة فأدركته القائلة فنزل فقال تحت شجرة فغلبته عينه وانسل بعيره فاستيقظ فسعى شرفا فلم ير شيئا ثم سعى شرفا ثانيا ثم سعى شرفا ثالثا فلم ير شيئا فأقبل حتى أتى إلى مكانه الذي قال فيه فبينا هو قاعد فيه إذ جاء بعيره يمشي حتى وضع خطامه في يده" فالله أشد فرحا بتوبة العبد من هذا حين وجد بعيره فتأمل محبته سبحانه لهذه الطاعة التي هي أصل الطاعات وأساسها فإن من زعم أن أحدا من الناس يستغني عنها ولا حاجة

1 / 116