ورُوي عن القاسم وسالم ويحيى بن سعيد وربيعة وأبي الزِّناد، حكاه عنهم ابنُ عبد البر (^١)، وفي القلب من حكاية هذا عنهم حزازة (^٢)؛ فإن مالكًا أعلمُ الناس بمذاهب المدنيين وأتبعُهم لها، ومذهبه في ذلك شدة المنع، وهؤلاء من أعيان المدنيين، والمعروف عن المدنيين التغليظ في التحليل، قالوا: هو عملهم وعليه اجتماع ملئهم.
وهذا القول الثاني هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وداود بن علي، وقد خرَّج ذلك طائفة من أصحابنا، منهم القاضي في "المجرَّد" وابن عقيل في "الفصول" وغيرهما على وجهين:
أحدهما: أن العقد صحيح مع أنه مكروه، قالوا: لأن أحمد قال: أكرهه، والكراهةُ المطلقةُ منه هل تحمل على التحريم أو على التنزيه؟ على وجهين. وجعلَ الشريفُ أبو جعفر وأبو الخطاب وطائفةٌ المسألةَ على روايتين (^٣). وقطع ابن البنّا بالصحة مع الكراهة.
وهذا التخريج ضعيف على المذهب من وجهين:
أحدهما: أن الكراهة المنقولة نَقَلها حَرْب: أن أحمد سئل عن الرجل يتزوج المرأة وفي نفسِه طلاقها، فكرهَه، وليس هذا
_________
(^١) في "التمهيد": (١٣/ ٢٣٤).
(^٢) بيَّنها المؤلف في موضع آخر من "الإبطال": (ص/ ٣٠).
(^٣) أحدهما: البطلان، كما نقله حنبل.
والثانية: الصحة؛ لأن حربًا نقل عنه أنه كرهه. كما في "الإبطال": ٢٤.
1 / 20