Maanso iyo Fikir
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
Noocyada
ومملكة الله هذه لا صلة لها بمملكة الأرض ودولتها. ولقد أعلنها السيد المسيح قوية أمام بيلاتوس عندما قال إن مملكتي ليست من هذا العالم. وهي كذلك لا تتصل بالكنيسة المنظورة، ولا شأن لها بطقوس العبادة؛ لأنها من شأن العقل والقلب والحرية .
ستأتي مملكة الله. سيشدو بها هلدرلين بعد ذلك في حماس وحنين لا نظير له في روايته الوحيدة «هيبريون». سيقول: إن الدولة لن تقيمها، بل سيمنحنا إياها ربيع الشعوب، وتدثرنا في سحابة ذهبية، وتحملنا بعيدا فوق الموت والفناء. وسندهش ونصاب بالذهول، وسنسأل نحن التعساء الذين طالما اشتقنا للربيع: أحقا صارت مملكة الله لنا؟
ولكن متى يتم هذا؟ عندما تبزغ الكنيسة الجديدة، حبيبة الزمان وأجمل بناته وأصغرها من بين الأشكال القديمة البالية. عندما يستيقظ الإحساس بالإله في قلب الإنسان، فيعيد إليه الشعور بألوهيته وشبابه ونضارته وبراءته. إن هلدرلين يعترف أنه لا يحس بها، ولا يمكنه أن يتنبأ بموعدها، ولكنه على يقين من أنها ستأتي. فالموت هو رسول الحياة. وما دمنا نرقد اليوم كالمرضى، ونشعر بدبيب الموت في نفوسنا وأجسامنا، فإن هذا هو بشير الصحوة القريبة والربيع الجديد:
لهذا أحتفل اليوم بالعيد،
وفي المساء في ظل السكون
تزدهر الروح حولي ولو جلل شعري المشيب،
مع ذلك أنصحكم يا أصحابي
أن تعدوا للمأدبة والغناء، والباقات الوفيرة والأنغام
وكأننا شباب خالدون ...
ويطلب هلدرلين من أحبابه وبني وطنه وعصره أن يتذرعوا بالهدوء والسكون. فالسكون هو شرط التجدد الروحي المأمول. وكلاهما موصول بالقدرة على الإنصات وحسن الاستماع لصوت الوجود الحق، أو صوت الخالدين السماويين، الذي لا يفنون ولا يبخلون. ولا بد للاتحاد مع هؤلاء الخالدين أن نكون قادرين على الانسجام معهم، أي أن يتجانس الصوت البشري مع الصوت الإلهي في نغم واحد وسر واحد. ولا بد أيضا أن نحسن الإنصات؛ لكي ندخل في الحوار الشجي، ونعود حوارا كما بدأنا ولغة واحدة هي لغة البراءة والقداسة والحب؛ لأنها هي لغة القلب. ومن لا يحسن الإنصات، فلن يحسن إلا النزاع والخلاف:
Bog aan la aqoon