Maanso iyo Fikir
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
Noocyada
ولكن أقدم أساطيرهم وعقائدهم الشعبية تكرم الموتى، وترفعهم إلى مصاف الأبطال، بحيث أصبحت صورة البطل الإلهي جزءا لا يتجزأ من الديانة الإغريقية.
والعهد القديم يصف «صمويل» الذي بعث حيا من بين الأموات بأنه «إلوهيم» أي بنفس الكلمة العبرية التي تدل على الله.
أما الرومان، فكانوا يجعلون من أمواتهم آلهة، حتى طغت هذه العقيدة على تقاليد الموت عندهم، فالأسلاف الذين ماتوا كانوا حاضرين دائما في كل احتفال بدفن الموتى، وكان من المألوف أن يحمل بعض الممثلين أقنعتهم وشعاراتهم وهم يسيرون خلف جنازتهم، بل إن اللغة اللاتينية تصف الأجداد بأنهم «العظماء».
32
الماضي موجود إذن في عقيدة الإنسان وتجربته الأصلية، بل إنه ليتحول في ذاكرة الأحياء ذلك التحول الذي تصفه أنشودة «آرييل» في مسرحية «العاصفة» لشيكسبير، وهي الأغنية التي نقشت كلماتها على قبر الشاعر الغريق «كيتس» في روما : «لا شيء منه قد ذوى أو شحبا،
بل استحال تحت البحر عجبا
أبهى من الكنز سنا وأغربا.»
والأعجب من هذا التحول نفسه هو ما تمخض عنه، وهو الكلمة. كان الشعر هو الثمرة التي ازدهرت على شجرة الماضي المقدس، كانت الكلمة هي ابنته المقدسة. وهل كان في مقدور الروح أن تبتدع ما أبدعت من روائع القصيد لو لم يكن للماضي وجود أقوى من كل وجود؟! ألم يكن الشاعر القديم - في أدبنا وأدب غيرنا - يفتخر بقدرته على أن يمنح بغنائه الخلود لمن يشاء، وينزل اللعنة الأبدية على من يشاء؟!
أكان من قبيل الصدفة أن تعتز القبيلة العربية بشاعرها الذي يشيد بأمجادها، وأن يرفع الرومان من شأن شاعرهم الذي يصفونه باسم «الفاتس»،
33
Bog aan la aqoon