أفكار أيضا ضعيفة من هذه الناحية غير أن مساعداتها تختص غالبا بأهلها الفقراء. ولم يسؤني ذلك لما فيه من حفظ كرامتنا في النهاية، ولم تخل حياتي أنا من مساعدات من هذا النوع أيضا. ولكن لزوجتي نزوات مظهرية سخيفة كما أنها تؤمن بالنذر وتتبرع لصندوق السيد البدوي أحيانا بحماقة. •••
في حياتي الجديدة أتيح لي - رغم همي الثقيل الرابض - أن أسمع وأن أرى وأن أقرأ وأن أكتشف مسرات جديدة. أتيح لي أيضا أن أفكر وأن أتذكر. لكن وجدتني أبعد ما يكون عن الرؤية الواضحة. بل وقعت في حيرة معتمة كئيبة مما جعلني أتلهف أكثر على الشفاء البعيد، أو المستحيل. وقلت لنفسي: ليس أفظع من أن يخلى بين الإنسان ونفسه.
6
رباه ... من هذا الزائر الجديد؟
نظرت نحوه بذهول وهو يقترب في خطاه الوئيدة، تسبقه نظرة مفعمة بالمودة والأسى. تغير كثيرا ولكني عرفته من أول نظرة رغم أنه تعمد أن يحجب عني اسمه. كهل يماثلني في العمر، خف وزنه ولكنه بادي الصحة، وجد عليه الصلع والنظارة الطبية. هتفت: غير معقول! دكتور جلال أبو السعود!
فتحت ذراعي وأنا أقول: كيف ظهرت من جديد على سطح الأرض؟ بالحضن والقبل!
تعانقنا وتبادلنا القبل. كان اليوم جمعة والوقت أصيلا والزمن أواخر الصيف. قدمت إليه زوجتي وابنتي وابني ثم قلت لهم: دكتور جلال أبو السعود، رفيق المولد والدراسة، كنا زميلين في الأولية والإعدادية والثانوية، دخل الطب ودخلت التجارة، كنا نذاكر معا رغم اختلاف دراستنا، جمعتنا صداقة وأفكار ...
أخذت شهيقا لأهدئ انفعالي وهم يتصافحون ثم يجلسون، وواصلت حديثي: عقب تخرجه انتقل إلى الأقاليم، تراسلنا عاما أو عامين ...
فقاطعني: خمسة أعوام ...
فتمتمت في حياء: ثم شغل كلانا بحياته ...
Bog aan la aqoon