106

Shaydaanku Wacdigaa

الشيطان يعظ

Noocyada

فحنى رأسه موافقا أو متظاهرا بالموافقة وهو يلحق هذا السر بآثامه الخفية. حقا إن زواجه تجربة مثيرة اعترضت حياته لتهزها من الأعماق. واستطاع أن يقول بنبرة المنتصر: ها أنت ترين أنني لست عديم الاهتمام كما تصورت ... - ولكن رحلتك تركت فيك آثارا باقية ...

فتساءل بقلق: حقا؟ - مثل تهاونك في شئون دينك، وكراهيتك للعمل!

فضحك ليخفف من توتر أعصابه وقال: أخطاء محتملة ويمكن علاجها، ولعلك أنت في حاجة إلى قدر من التسامح ...

فقالت بحرارة: المسألة إيمان أولا ... - التسامح جميل أيضا. - أجمل منه أن تطابق بين إيمانك وسلوكك ...

فتمادى في كذبه وخوفه قائلا: إني ماض بعزم في هذا السبيل ...

وتساءل في باطنه هل تتمخض سعادته عن وهم زائل؟!

10

القلق يلازمه. رغم استهتاره بكافة القيم فالقلق لا يبرحه. مجلسهما الليلي يهبه شعورين متناقضين، السعادة والقلق. الشتاء يسحب أذياله وعما قليل تفتح النوافذ وتشيع البسمات في الحديقة. صحتها تبدو الآن أفضل مما كانت أول عهدها بالحبل. وهي تفضل الراديو على التلفزيون فيجاريها مرحبا بأنه لا يفصل بينهما فصلا كليا. إنه صادق في حبها ولكن لا يجمعهما إلا الكذب. من حسن الحظ أنها تصدق «الممثل» ولا تدري شيئا عن الأصل. وسوف تجيء النهاية عندما تطلع على الشخص الرابض وراء الممثل. ما زالا يتمشيان عند الأصيل خاصة بعد أن أصبح المشي ضرورة صحية لها، وهي ترتدي اليوم فساتين مرسلة، وتعد عدتها لاستقبال الوليد. وشوقه إليها يزداد ومخاوفه تزداد أيضا. شخصه الحقيقي لا يكف عن تعذيبه. إنه يعيش وحده في عزلة تامة، لا يمارس الحب ولا الزواج ولا حق له في التعبير عن ذاته. إنه كامن في أعماقه في ذل، يغلي بالحنق، ويحلم بالثورة. غارق في العبث الذي وجد فيه الحل لمتناقضاته الماضية. هو الذي أخرجه من تردده المعذب بين الإيمان والإلحاد، بين الديمقراطية والحكم المطلق، بين الماركسية والرأسمالية. هو الذي أنقذه من الهياكل الخاوية ولكنه أصابه بمرض جديد، مرض الفراغ والرعب. وفتحية لم تفصل بين الممثل والأصل فحسب ولكنها تهدد الاثنين أيضا. ألا ينقاد لها ذات يوم كما انقاد من قبل ليسري أحمد وعدلي جواد وعبد الباري خليل؟ وأي عواقب تتربص به إذا تحقق ذلك الانقياد المتوقع؟! •••

سألته باهتمام: أي مراحل حياتك تراها الأفظع؟

بعد تأمل أجاب: لعله العبث. - لماذا؟ - لأنه فراغ، والفراغ مرعب. - أوافقك تماما، أي مذهب وضعي فهو انحراف أما العبث فشلل للعقل، وإذا شل العقل فماذا يبقى من الإنسان العاقل؟!

Bog aan la aqoon