فصرخت المرأة: من يخف عن أمه سرا فهو ابن حرام.
وهتفت أيضا: أنت وشأنك ولتتجرعن الندم.
وقال لنفسه: «تقدم بلا تردد». ذهب إلى حمام الأمير وأسلم جسده إلى المغطس. ارتدى جلبابا جديدا ولاثة منمنمة ومركوبا أخضر ومضى منور الشباب كالبدر. استحال عينين حذرتين، تسعيان وراء الجمال حيث يكون؛ في النوافذ، عند صنبور المياه، في سوق الخردوات والحلي. كلما لمح حسنا سجله في ذاكرته وواصل السعي. وصادف في سعيه رجالا من العصابة يراقبون ويتساءلون. ضاعف من حذره مطمئنا إلى أنهم لم يقفوا على سره بعد. تمنى أن يحافظ المعلم على السر كما يحافظ عليه هو. تمنى أن يعثر على ضالته حتى تنجلي الحقيقة عارية. أجل ستنكشف مهمة الخاطبة عن المجد لا الندم.
وكان يستريح في مقهى النجف عندما جلس إلى جانبه طباع الديك. انقبض صدره ولكنه ابتسم. هو الذي زكاه عند المعلم يوم قبل. صديق أسرته الذي يعتبر ستهم الغجرية أما له. قدم له الشاي حبا وكرامة. ابتسم الرجل وقال: أصبح لك مظهر الوجيه لا الفتوة!
إنه يستدرجه ولكن هيهات. وتمتم الرجل: لا تستقر في مكان!
بادله الابتسام دون أن ينبس، فقال طباع الديك: لا أريد إحراجك، هذا أول ما تطالبني به علاقتنا الطيبة.
فتمتم شطا بأسف: معذرة يا صاحب الفضل. - إني عاذرك، ومقدر لحالك، ولكن واجبي كصديق للأسرة يطالبني بأن أحذرك. - تحذرني؟ - معاذ الله أن أحرضك على إفشاء سر؛ ولكنك حديث عهد بنا، فلا تعرف فتوتنا كما أعرفه.
فقال شطا بصدق: الحارة كلها تعرفه! - لعلها لا تعرف مثلي حبه الدعابة والعبث.
ارتعد قلبه، ولكنه قال بقوة يغطي بها على ارتعاده: الدعابة لا العبث، إنه جاد كل الجد. - لم صفح عن زميلنا الأعجر؟ ولم أصر على عقاب شعراوي القفا؟
ارتعد قلبه مرة أخرى، ولكنه قال: ثمة سبب يعلمه ونجهله، إنه أبعد ما يكون عن العبث. - إذا أردت الاستشهاد بالأدلة، فستجد ما يؤيد جديته وستجد ما يؤيد عبثه. - لا، لا تقس ما يقع في حارتنا بما يحدث أحيانا في الغرزة. - ولكن المغامرة التي تقدمت لها حدثت في الغرزة.
Bog aan la aqoon