Shaytan Bantaur
شيطان بنتاءور: أو لبد لقمان وهدهد سليمان
Noocyada
حكى الهدهد منبئ الأنباء، وشيطان بعض الشعراء، قال: أكثرت مخالطة الناس حتى ندمت، وأطلت النظر في الكتب حتى سئمت، واشتقت إلى عبرة مرموقة موموقة، وحكمة من نفسها مسوقة. آخذها ولو من سوقة، لا مطروقة ولا مسروقة؛ فخرجت إلى الأهرام في وقت من أوقاتنا الموصوفة، ويوم من أيامنا المختارة، ذهب نهاره إلا أواخره، وتناوب على الجو صاحيه وماطره:
تعرض الغيم فيه
للشمس في كل مسلك
تروغ منه فتبدو
وتختفي حين تدرك
والأفق منه ومنها
كالطفل يبكي ويضحك
فبلغت فضاءها، وإذا ذهب الأصيل عليه يزهو آونة، ويصدأ بالغيم آونة، والشمس صفراء في الأفق منكسرة الأشعة، قد كادت ولما تفعل، كأنها عين الأشقر الأحول، فوثبت إلى الهرم الأكبر، وحططت فوق حجر، ثم تقصيت النظر، فكانت فاتحة العبر، وباكورة العظات الكبر؛ إذ رأيت السياح حوالي الأثر، يرتعون في الأصل ويلعبون، وينزلون عن الإبل ويركبون، وقد ضفت عليهم ثياب الكبرياء، وجروا ذيول الزهو والخيلاء؛ فغضبت من رؤيتهم على هذه الصورة، وعيثهم في القبور بعد عبثهم بالجثث المقبورة، فقلت: «أيتها الحجارة الخالدة، اسخري من هؤلاء كما سخرت من قمبيز وخيله، واستهزئي بهم كما استهزأت بنابليون وجنوده!»
ثم خرجت من الغضب فأبصرت، وتألفت ما كنت أنكرت، وما زال الغضب يعمي صاحبه، ويضل راكبه، ويريه صدور الأمر ولا يريه عواقبه؛ أبصرت فرأيت الغادي والرائح، والترجمان بجانب السائح، ولم أر من باك ولا نائح، ولا مهيب بالجندل والصفائح، يجيبه صدى من جانب القبر صائح؛ فرجعت في أمر القوم إلى الرضى، وقلت إنما يزورون قبور الفراعنة في مصر كما تزار قصور الملوك في هذا العصر، وذكرت ساعة قضيتها في قصر «وندسور»
1
Bog aan la aqoon