Shaytan Bantaur
شيطان بنتاءور: أو لبد لقمان وهدهد سليمان
Noocyada
قلت: إني إذن لسعيد يا مولاي أن أعلم من أمرهم بالمشاهدة والعيان، ما أضيفه إلى معرفتي في التاريخ.
قال: لا نزال في إجلالهم ووقارهم، والاعتناء بأمرهم، والنظر فيما يأتون ويذرون، والسكون إلى ظلهم في مصر، حتى يقتلوا عثمان، ويفتك المصريون منهم بالوقور في الصحابة، الكريم في الأصهار، السمح في الخلفاء، الكبير في الشيوخ؛ فإذا فعلوا ودعنا أيامهم، ونبذنا جوارهم، ووكلناهم إلى السماء تأخذهم بدمه، فتصب عليهم المصائب، وتنزل بهم المحن، وتغمسهم في الفتن، وتبدلهم من الخلافة الحقة بالملك الباطل، وتردهم إلى نعيم الدنيا الزائل!
قلت: لقد رضيت بما رضيت لي يا مولاي، وحسبي أن أعيش يوما واحدا في خلافة عمر، وولاية عمرو.
قال: الآن نتهيأ للزيارة، ونستعد للخروج إلى مقر الإمارة، فسطاط الأمن والعمارة؛ ضالة عمرو التي طالما نشدها، ولم يألها طلبا حتى وجدها.
قلت: أشبه الناس به مسعاة يا مولاي في الزمن الحاضر، اللورد كتشنر، حاكم السودان بالأمس، وسيف إنكلترا العامل في جنوب أفريقيا اليوم؛ فقد علم الخاص والعام، عن هذا الرجل المقدام، أنه نظر في أمر فتح السودان، وهو ضابط ضئيل الشان، قليل المكان والإمكان، ليس له بمثل هذا الأمر العظيم يدان، فجعل يعد له الصبر، ويعمل له في السر، والأيام في هذه الأثناء ترفعه، والسعد إلى السعد يدفعه، حتى انتهت إليه إمرة الجيش في مصر، وآلت إليه السلطة العسكرية في هذا القطر، وأصبح من رفعة المنصب بين رجال الاحتلال، بحيث يسمع صوته في قومه؛ ومن علو الكلمة في الحكومة المصرية، بحيث لا يمانع في أمر يحاوله؛ فثبت عندئذ في نفسه أمر، وتدرج فيما يحاول من السر إلى الجهر، وكاشف الحكومة الإنكليزية بما يريد من فتح السودان ونشر العلم البريطاني في أرجائه، فكانت مشيئتها ما شاء، كدأبها بإزاء رجالها الأمناء؛ وها قد مضى على السودان عامان،
1
يخفق على دور الحكومة فيه العلمان، ويخفق من الحسرة عليه فؤاد «مرشان».
2
قال: كذلك زين عمرو لعمر فتح مصر، وكذلك فتحها؛ والتاريخ - كما قيل - مكرر معاد؛ وقد حدثك رمسيس عن الإقدام، وذكر لك فضله وشرح لك مزاياه، وهذان دليلان قاما عرضا في الحديث على صدق قوله، وصواب رأيه، وما كان رمسيس ليعرف الشوق ولا الصبابة، لولا أنه كابدهما وقاسى، وكان في مقدمة رجال الإقدام، فإن أردتم ببنيكم خيرا، وضعفت قلوبكم أن تتمادوا في الجناية عليهم ، فربوهم منذ الصغر على الإقدام؛ فإنه - كما قال رمسيس - سعادة الأفراد وحياة الأمم.
قلت: أوشك الأصيل يا مولاي أن يفيض ذهبه، فإن أمرت انتقلنا إلى الفسطاط.
Bog aan la aqoon