Shawqi Saaxiibtinimo Afartan Sano
شوقي: صداقة أربعين سنة
Noocyada
وكنا من قبل محمود سامي نظن الأولين غاية لا تدرك، وأنهم إذا قرن بهم المتأخرون أو المعاصرون كان أولئك هم السماء وهؤلاء هم الأرض. وبقي فينا هذا الاعتقاد إلى أن ظفرنا بشعر محمود سامي وحفظنا جميع قصائده التي في الوسيلة الأدبية، فلم نكن لشدة إعجابنا بها نخرم منها بيتا واحدا، وكان حفظنا لها من أعمل عوامل الشعر فينا، بل كنا نشعر إذ ذاك بحاسة طرب تهتز لها جوارحنا كلما روينا شعر البارودي في أنفسنا أو أمام الناس. وكما قال كارليل عن شكسبير: «إننا نحن معاشر الإنجليز نرى شكسبير أثمن لنا من الهند.» فقد كنت أقول في نفسي إن محمود سامي هو بذاته مملكة عربية. وكان الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده بمكانه من رئاسة الدولة الفكرية يذهب إلى ما يقوي فينا هذه العقيدة؛ ولذلك كنت أنا أراني خريجا في الشعر لمحمود سامي البارودي، وإلى هذا أشرت في أول قصيدة أجبته بها يوم بدأ بمراسلتي من منفاه في سيلان، فقال لي:
أشدت بذكري بادئا ومعقبا
وأمسكت لم أهمس ولم أتكلم
وما ذاك ضنا بالوداد على امرئ
حباني به لكن تهيبت مقدمي
فأما وقد حق الجزاء فلم أكن
لأنطق إلا بالثناء المنمنم
وكيف أذود الشكر عن مستقره
وأنكر ضوء الشمس بعد توسم
وأنت الذي نوهت باسمي ورشتني
Bog aan la aqoon