وشهدت صدق هذا القول فيما نقدت من رسائل الطلاب في الجامعات؛ إذ رأيت الطالب يكتب ما لا يحتاج إليه، أو يزيد على مقدار الحاجة فيما يحتاج إليه. وهذا عجز عن التمييز بين ما هو من الموضوع وما هو غريب عنه، وعن إدراك المقدار الذي يلائم البحث والذي لا يلائمه، وربما يدل الطالب على جهله أو عجزه بالإثبات أكثر مما يدل بالحذف.
ويمكن أن تطرد القول فيما تفكر فيه وما تقرأ. فكم يفكر الإنسان في لغو أو شر يشغله عن التفكير في الصالح من الأمور أو الجميل منها، ثم يدع في النفس أثرا سيئا!
وكم يقرأ الإنسان ما لا يستحق أن يشغل البصر والفكر فيخسر قراءة ما ينفع، ولا تخلو قراءة اللغو والباطل من أثر سيئ في نفس القارئ!
فليجتهد المفكر أن يجتنب، فيما يفكر فيه وفيما يكتب ويقرأ، النوافل والتوافه والسيئات.
وليعمل المعلمون على أن يعلموا تلاميذهم أن يشغلوا أنفسهم بالخير عن الشر، ويريحوا عقولهم من عناء التفكير في اللغو أو الباطل، ويكفوها مئونة ما لا خير فيه.
الجمعة 22 رمضان/7 يوليو
الأذان بين التركية والعربية
الأذان شعار المسلمين في أرجاء الأرض، وهو مؤلف من عشر كلمات يعرفها كل مسلم؛ فقد دخلت في لغته، وتمكنت في نفسه أكثر من نظائرها في لغة قومه. ولم يكن بالترك حاجة إلى التأذين بالتركية، ولكنها الثورة على سنتنا والرغبة في الخروج من تاريخنا.
الترك يخطبون في مساجدهم بالتركية إلا تحميدا بالعربية في أول الخطبة وآية أو حديثا، وإلا ختما بدعاء أو آية أو حديث. وهم بهذا يجمعون بين التمسك بلغة القرآن وخطاب الناس بلغتهم، وهي طريقة حميدة. وليس منصفا من يلزمهم أن يخطبوا بالعربية والناس لا يفهمونها. ولكن الأمر في الأذان غير هذا؛ فهو شعار يفهمه كل مسلم.
وقد أجمع من سمعوا الأذان التركي من عرب وعجم على أنه لا يشبه الأذان بالعربية في اتزان الكلمات وحسن المقاطع، وحسبك أن تعلم أنهم ترجموا «أشهد»، هذه الكلمة الواحدة بقولهم: «شبهه يوق بيليرم، بيلديررم»؛ أي لا شبهة أني أعلم وأعلم. وشتان بين: الله أكبر، يمتد فيها الصوت وينتهي حسنا رائعا، وبين: «تنكري أولودر.»
Bog aan la aqoon