قال عبد الرحمن: «وما هو ذلك الحادث.»
قالت: «لا أقوله الآن، وإنما يقربنا منه صدق النية في فتح هذه البلاد وهذا هو الأمر الذي وهبت نفسي له، فإذا أذن مولاي أن أساعده فيه فعلت.»
فلبث عبد الرحمن صامتا، وهو مطرق يفكر فيما سمعه ويحلله في ذهنه، فرأى مفتاح السر كله في معرفة والد الفتاة مريم فرفع بصره إلى سالمة، وقال وهو يلاعب أطراف حمائل السيف بين أنامله: «لا بأس من تأجيل الاطلاع على سرك وإنما ألتمس منك أمرا، فهل تصدقينني فيه؟»
قالت: «إذا استطعت ذلك فعلته.»
قال عبد الرحمن: «أريد منك فقط أن تخبريني من هو والد هذه الفتاة، وأين هو؟»
فلما سمعت سؤاله بغتت وتصاعد الدم إلى وجهها وتغيرت سحنتها وبدت الكآبة في جبينها وحول فمها، وأطرقت مدة لا تتكلم ثم رفعت بصرها إليه وقد أبرقت عيناها بما ترقرق فيهما من الدمع وقالت: «تسألني عن مكان أبيها وأنت تراني في هذا الثوب الأسود؟» قالت ذلك وأمسكت طرف الخمار بين الإبهام والسبابة، وقد غصت بريقها.
فندم عبد الرحمن على سؤاله عن المكان، فقال: «لم أتعمد أن أذكرك بمصابك، بوفاة زوجك وإنما أردت معرفة اسمه، ولا أرى مانعا من إطلاعي عليه ونحن في خلوة ليس فيها ثالث، وأعاهدك على كتمان ذلك عن كل إنسان، إنني لا أطلب منك الاطلاع على سرك، وإنما أريد معرفة زوجك.» قال ذلك وهو يتوقع إجابة على سؤاله.
أما هي فلما رأت إلحاحه في معرفة اسم زوجها بدا الغضب على وجهها، وقالت: «يظهر أني أخطأت فيما عرضته من خدمتكم وأنا أصادف ما أراه من الإلحاح علي والضغط على أفكاري، لو كان التصريح باسم ذلك المسكين ممكنا لفعلت ولم أكلفك هذا العناء في السؤال، ثم إني لا أرى فائدة من ذكره الآن وسيأتي وقت تعرف فيه كل شيء.»
فاستغرب عبد الرحمن تكتمها، وازداد رغبة في معرفة سرها، ولكنه لم ير أن يرغمها على ذلك قهرا مراعاة لشعورها وطمعا في الانتفاع بخدمتها، فجاءها من جهة أخرى، فقال: «حسنا بقي سؤال واحد أرجو ألا يكون حظي في الجواب عليه مثل حظي في سواه هل أقوله؟»
قالت: «قل ما بدا لك.»
Bog aan la aqoon