Sharl Wa Cabd Rahman

Joorji Zaydaan d. 1331 AH
139

Sharl Wa Cabd Rahman

شارل وعبد الرحمن

Noocyada

فقال هانئ: «هل أرسل معك بعض الحراس، لا أقول لحراستك؛ لأنك في غنى عن ذلك وإنما أرسلهم لخدمتك.»

فقطعت كلامه قائلة: «لا حاجة لي بالخدم يا هانئ، وأنا سائرة في ظلك وأنت معي أينما توجهت.» قالت ذلك وأومأت برأسها للوداع، وأدارت شكيمة الجواد وانصرفت نحو الأخبية، فلما توارت عنه عاد إلى الفارس وسارا معا حتى دخلا المعسكر ولم يعترضهما الحرس؛ لأنهم عرفوا الأمير هانئا من أدهمه حتى إذا وصلا فسطاط الأمير ترجل هانئ وهو يستفسر من الحاجب: «هل عند الأمير أحد؟» فقال: «كان الأمراء عنده منذ هنيهة وانصرفوا.»

الفصل الخامس والسبعون

رسالة من شارل

فدخل هانئ وأشار إلى الرسول بالبقاء خارجا، وكان عبد الرحمن جالسا وقد سمع صوت هانئ قبل دخوله، فصاح فيه صيحة الوالد بولده: «ما الذي أخرك يا هانئ؟ لقد شغلت بالنا!»

فقص عليه ما حدث بعد وصولهما إلى الدير، وكيف بعث أود جندا أخذوا سالمة إليه، وكيف أراد إنقاذها وهي لم ترض، ولكنه لم يذكر شيئا عن السر، وأخبره أن مريم رجعت معه وقد توجهت إلى الأخبية إلى أن قال: «وقد أتيتك برسول من قارله (شارل) قائد جند الإفرنج أظنه يحمل إليك كتابا وهو بالباب الآن هل يدخل؟»

فصفق عبد الرحمن فدخل أحد الحجاب من غلمانه فقال له: «ادع لنا أحد المترجمين فإذا جاء فأدخله مع الرسول.» فخرج الغلام وظل عبد الرحمن صامتا كأنه بغت لخبر جديد، ولم يكن هناك شيء جديد، ولكنه تنسم رائحة القتال، وتمثل له عظم الأمر الذي هو قادم عليه، وأدرك هانئ اهتمامه فتهيب وظل ساكتا حتى عاد الغلام ومعه الترجمان، وهو من يهود إشبيلية وكان يعرف عدة لغات، وللمسلمين ثقة كبرى فيه مثل ثقتهم في سائر يهود الأندلس؛ لأنهم كانوا عونا كبيرا لهم في فتح تلك البلاد، ثم دخل الرسول وتأدب في موقفه فسأله عبد الرحمن بواسطة الترجمان عن غرضه فقال: «إنه قادم برسالة من الدوق شارل صاحب أوستراسيا.» فقال عبد الرحمن: «وأين الرسالة؟»

فمد الرسول يده إلى شبه خرج معلق تحت أبطه وأخرج منه لوحا ملفوفا بمنديل من الحرير الأحمر، وقد شد حول المنديل شريط من الحرير الأزرق، فتناول عبد الرحمن الرسالة وأشار إلى الرسول فخرج، ثم حل الشريط وفتح المنديل وأخرج ما فيه وهو عبارة عن لوح من الخشب الرقيق مكسو بالشمع، وقد كتب عليه حفرا في ذلك الشمع على عادتهم في مكاتبات تلك الأيام في أوروبا فلما ظهر اللوح، علم عبد الرحمن - قبل أن يقرأها - أنها رسالة إفرنجية لعلمه أن العرب يكتبون على الجلد أو القرطاس أو النسيج فدفع اللوح إلى الترجمان فقرأه، وهاك ترجمته:

بسم الآب والابن والروح القدس

من الدوق شارل قائد جند الإفرنج وصاحب أوستراسيا إلى الأمير عبد الرحمن قائد جند العرب أما بعد، فإن أخي الدوق أود صاحب أكيتانيا أخبرني بما تعمدتموه من الإيغال في بلاده لغير سبب يدعو إلى الحرب بيننا وبينكم، فأنتم إنما تطلبون الفتح التماسا للكسب، وقد أطمعكم في ذلك ما رأيتموه من ضعف الذين حاربتم من جند هذه البلاد إلى اليوم، وقد بلغني ما أنت عليه من الشجاعة والتعقل وعلو الهمة فرأيت أن أنصحك لترجع عن قصدك بدون سفك الدماء، ولا أكلفك تسليما بل أطلب إليك الانسحاب من هذه البلاد بما تحمله من الغنائم إلى حدود إسبانيا على الأقل إذ لا قبل لكم بالوقوف أمامنا، هذه نصيحتي لكم وإذا لم تقبلوها فموعدنا في النزال قريب والسلام.

Bog aan la aqoon