Sharl Wa Cabd Rahman

Joorji Zaydaan d. 1331 AH
132

Sharl Wa Cabd Rahman

شارل وعبد الرحمن

Noocyada

دعوة خطرة

وكان هانئ قد دخل الغرفة وذهب الراهب فأتاهم بالشمع فأضاءوه وغرسوه في مشمعة ناتئة من الحائط وعاد الراهب، وكانت مريم تفكر في صلتها بهانئ؛ لأنها أحبته ووالدتها لا تعلم، وقد أوصلها إلى أمها وسيرجع قريبا ولا طاقة لها بفراقه، وهي تريد أن تستطلع رأي والدتها بشأنه، فإذا لم توافقها على حبه كانت المصيبة كبيرة عليها، وأرادت من ناحية أخرى أن تشغلها عن حديث حسان، فقالت: «ألا تعرفين الأمير هانئا يا أماه؟»

فابتسمت وقالت: «كيف لا أعرفه؟ أليس هو الذي أنقذنا من ذلك الأمير البربري؟»

قالت: «بلى وهو أكبر أمراء جند العرب بعد الأمير عبد الرحمن، والأمير عبد الرحمن يحبه ويعتمد عليه؛ لأنه أمير الفرسان ويده اليمنى في تدبير الجيش.»

فخجل هانئ من هذا الإطراء وأحب أن يعترض ليخفي خجله، فلم تمهله سالمة فقالت: «لم يخف علي شيء من شأن هذا الأمير وقد صحبته في مهمة إلى أسقف بوردو ألا تذكرين ذلك؟»

فانشرح صدر مريم واطمأن بالها وهمت بالانتقال إلى ما وراء ذلك فسمعت دبدبة وضوضاء فتوقفت، وأنصتوا جميعا ثم سمع هانئ جواده يصهل صهيلا متواصلا كأنه يطلب النزال فوقف هانئ وهو يقول: «أرى جوادي يدعوني إلى النزال وهو ينبهني إلى سرعة الرجوع.»

وما أتم كلامه حتى سمعوا خطوات قادم على السطح، ثم فتح الباب ودخل الراهب رفيق حسان، وكانت سالمة تحسب أنه قد سافر معه فلما دخل رحبت به ودعته للجلوس، فإذا هو يهم بالكلام والبغتة ظاهرة في وجهه وكأنه أراد أن يتكلم فارتج عليه فظنته أمسك حياء من الحاضرين، فقالت له بالإفرنجية: «تفضل يا حضرة الأب، أخبرنا بما عندك وليس هنا أحد غريب.»

فقال ولسانه يتلجلج: «كلفني رئيس هذا الدير أن أبلغك أمرا يعز علي أن أنقله إليك.»

فخفق قلب سالمة ومريم، أما هانئ فلم يفهم شيئا؛ لأنه لا يعرف الإفرنجية ولكنه لاحظ من تغيير الوجوه ما أقلقه، فقالت سالمة: «قل يا حضرة الأب.»

قال: «إن الدوق أود بعث بكوكبة من الفرسان بالعدة والسلاح وقد وصلوا إلى الدير ومعهم رسول يحمل كتابا إلى حضرة الرئيس يطلب منه فيه أن يبعث بك إليه، ولما يعلمه الرئيس من دالتي عليك فقد بعث إلي وأطلعني على ذلك الكتاب وتشاور معي في شأنه، فأشرت عليه أن يمتنع عن تسليمك فأظهر أنه يرغب في ذلك من صميم فؤاده ولكنه يخشى العاقبة، وهو لا يدري لمن تكون الغلبة في الحرب القادمة، وواجباته تقضي عليه أن يكون نصيرا للإفرنج، ثم كلفني أن أكون أنا برفقتك من قبله لأوصي الدوق أود برعايتك، وإذا شئت أخذنا من الرئيس كتاب توصية بشأنك أيضا.»

Bog aan la aqoon