227

الجزاء على ما يخلقه فينا قبيحا.

** (وما ذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر).

ومن ذلك ، قوله تعالى : ( وما ذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر ) [النساء : 79] وقوله : ( وما لكم لا تؤمنون بالله ) [الحديد : 8] فلو لا أن الإيمان موقوف على اختيارنا وإلا كان لا يستقيم هذا الكلام ، ويجري مجرى أن يقول لهم : ما لهم لا يسودون ، وما ذا عليهم لو اسودوا؟ وذلك مما لا يجوز. وكان للخصم أن يقول : أنت الذي منعتني عن الإيمان بأشد منه ، لم تخلقه في وخلقت في ضده الذي هو الكفر.

** (فما لهم عن التذكرة معرضين).

ومن ذلك ، قوله تبارك وتقدس وتعالى : ( فما لهم عن التذكرة معرضين (49)) [المدثر : 49] وذلك إنما يصح إذا لم يكن الإعراض من قبله ، فأما إذا كان هو الذي منعهم عن التذكرة وخلق فيهم الإعراض عنه ، فلا وجه لهذا التوبيخ والسؤال.

** (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).

ومن ذلك ، قوله : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) [الكهف : 29] فقد فوض الأمر في ذلك إلى اختيارنا. فلو لا أن الكفر والإيمان متعلقان بنا ومحتاجان إلينا ، وإلا كان لا معنى لهذا الكلام ولتنزل منزلة قوله : من شاء فليسود ، ومن شاء فليبيض ، فكما أن ذلك سخف لأن الاسوداد والإبياض غير متعلقين بنا ، كذلك في مسألتنا.

** (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن).

ومن جملة ذلك ، قوله تعالى وتقدس : ( هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ) [التغابن : 2] أورد الآية على وجه التوبيخ ، وذلك لا يحسن إلا بعد احتياج الكفر والإيمان إلينا وتعلقهما بنا ، وإلا كان ذلك بمنزلة أن يوبخ أحدنا على طول قامته وقصرها ، فيقال : قد أنعمنا عليك وصنعنا بك وفعلنا ، فقصرت قامتك أو طالت.

** (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا).

ومن ذلك ، قوله تعالى وتنزه : ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ) [ص : 27] نفى الله تعالى أن يكون في خلقه باطل ، فلو لا أن هذه القبائح وغيرها من التصرفات

Bogga 243