155

Sharh Usul I'tiqad Ahl al-Sunnah by Al-Lalika'i - Hasan Abu Ashbal

شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - حسن أبو الأشبال

Noocyada

من آوى محدثًا في الدين
قال: [عن أبي العالية في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [فصلت:٣٠] قال: أخلصوا دينهم وعملهم ودعوتهم لله ﷿].
وقال النبي ﵊: (من أحدث حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).
فقوله: (من أحدث حدثًا).
أي: ابتدع في دين الله ﷿ بدعة أو واقع جرمًا استحق عليه الحد أو التعزير أو طلبه السلطان ليعاقبه، ثم خبأه آحاد الناس، فالذي خبأه والذي فعل الفعل وأحدث الحدث في الإثم سواء.
(قيل: يا رسول الله! وما الحدث؟ قال: بدعة تغير سنة) يعني: بدعة تضيع سنة وتفوت ظهورها.
قال: (أو مثلة تغير قودًا، أو نهبة تغير حقًا) والقود هو القصاص، فذكر مظالم الدماء، ومظالم الأموال وقس على هذه النهبة غيرها بما يماثلها من جرائم الأموال والأعراض والجنايات على الأملاك وغيرها، فمن أحدث حدثًا في دين الله بالابتداع أو بالقتل أو نهب الأموال أو غير ذلك ثم خبأه أحد الناس، وكم تسمعون من هذه المواقف، قد يأتي إليك شخص ويقول لك: أنقذني وخبئني عندك، إنني عملت عملًا وخائف منهم أن يأتوا فيقتلونني، وهذا كان موجودًا في الصعيد غالبًا، وربما يكون شيء من ذلك في المدن البحرية، لكنه مشهور غالبًا في الصعيد.
فيحرم على أحد أن يحدث في دين الله شيئًا، أو يعتدي على أموال الناس وأعراضهم وأبدانهم، كما يحرم على الغير أن يؤويه إذا كان يعلم ذلك أنه يحرم عليه، وإلا فكلاهما يتعرض للعنة الله ﷿ والملائكة والناس أجمعين.
قال: [عن عاصم الأحول قال: دخلنا على أبي العالية الرياحي فقال: تعلموا الإسلام ما هو.
قال: فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه -أي: فلا تبتعدوا عنه- وعليكم بالصراط المستقيم، فإن الصراط المستقيم الإسلام، -أي: هو الإسلام- ولا تنحرفوا عن الصراط المستقيم -أي: عن الإسلام يمينًا ولا شمالًا- وعليكم بسنة نبيكم، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء].
فالناظر في وصايا السلف يجد منهم الأمر العجب! في هذا الزمان لو أن شخصًا قال لأخيه: أوصني، ربما يعجز أن يوصيه بأي وصية، ولا يخطر على باله كلامًا يقوله له، وهذا حادث، لكن انظر إلى السلف، ما كان أحدهم يفوت موقفًا إلا وينصح إخوانه ويذكرهم بالله ﷿ وبدينه والتمسك بسنة النبي ﵊ وترك الابتداع في الدين.
قال: [عن ابن عمر قال: كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة]، لأن هذا هو شأن البدعة، ما من بدعة قط إلا والناظر إليها لأول وهلة من الجهال يستحسنها ويستجملها ويقول: نعم والله هذا أمر جميل.
وهذا شأن البدعة دائمًا.
وهذا شأن الأحاديث الموضوعة المفتراة المكذوبة على النبي ﵊، تجد أن واحدًاَ يتكلم بكلام لا يمكن أن يقبله العقل، أما من جهة النقل فكلام ليس له سند أبدًا.
مثلًا: قوله ﵊ الذي يروى عنه: (إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج)، هذا الحديث لا أقول: إنه مكذوب، بل ليس حديثًا أصلًا.
صعد دكتور كبير في علم الشريعة الإسلامية منبرًا من منابر الدعوة، ولا أجد حرجًا بأن أقول: منبر مسجد الاستقامة في مدائن الجيزة، وهو أستاذ جامعي كبير، وليس عيبًا عليه أن يقول هذا الكلام السخيف، ولكن العجيب أن واحدًا في المسجد لم ينكر عليه قط.
قال: إن رجلًا تزوج، وبعد بنائه حملت امرأته، فلما سمع بهذا الحمل وكان ذلك في المساء نادى منادي الجهاد، وقال: اللهم إني أستودع ما في بطن امرأتي عندك، وذهب، ثم رجع بعد عام، وكانت الأم قد ماتت، فقيل له -أي: فقال له أهل قريته-: منذ أن دفنا امرأتك وإننا نرى نورًا يخرج من القبر بالليل والنهار، فذهب هذا المجاهد وفتح القبر ووجد الأم عظامًا رميمًا إلا ثديها، وقد التقمه الطفل، والطفل جالس في كفنه، وهذه المرأة قد ماتت قبل أن تلد، ولكنها ولدت في القبر.
هذا الكلام أقوله باشمئزاز شديد جدًا، وهو يقصها للناس والناس تقول: الله الله، وضج المسجد مائة مرة في الخطبة، تصور أن خطبة تقوم على هذا السفه من أولها إلى آخرها! والله سبحانه يحيى العظام وهي رميم! فمن أجل أن يعبر الناس عن فرحتهم بمقدرة الله ﷿ يقفون على أرجلهم ويتحدثون بالخطبة، ألا يوجد في هذه الآلاف المؤلفة عاقل؟ ﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ [هود:٧٨]؟ رجل فقط يقوم ويقول: ما هذا؟ ويأخذه من قفاه فينزله، ويقول له: أنت لا تصلح لمثل هذا المكان.
وعن أبي الدرداء ﵁ قال: كن عالمًا أو متعلمًا أو مستمعًا للعلم أو محبًا له، ولا تكن الخامسة فتهلك.
قيل: وما الخامسة؟ قال: المبتدع.
ولذلك عمر بن عبد العزيز ﵀ لما سمع هذا الكلام قال: سبحان الله! لقد جعل للعبد مسالك.
يعني: إما أن تكون عالمًا أو متعلمًا أو مستمعًا للعلم أو محبًا له، فلا أقل من ذلك؛ لأنه شي

8 / 4