Sharh Usul I'tiqad Ahl al-Sunnah by Al-Lalika'i - Hasan Abu Ashbal
شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - حسن أبو الأشبال
Noocyada
بيان أن أول واجب على المرء هو معرفة الله وتوحيده
قال: [أما بعد: فإن أوجب ما على المرء: معرفة اعتقاد الدين، وما كلف الله به عباده من فهم توحيده وصفاته وتصديق رسله بالدلائل واليقين، والتوصل إلى طرقها والاستدلال عليها بالحجج والبراهين].
أي: أن أول واجب يجب على المسلم أن يتعلمه هو: أن يتعلم عقيدته، وهذا هو منهج الصحابة كما ثبت عن جرير البجلي ﵁ أنه قال: كنا نتعلم الإيمان أولًا، فإذا نزل القرآن ازددنا به إيمانًا.
وقول عبد الله بن عمر ﵄: كنا نؤتى الإيمان أولًا، ثم نؤتى القرآن، فإذا قرأناه علمنا حلاله وحرامه، وزواجره وأوامره ونواهيه، ووقفنا عند ما يجب علينا أن نقف عنده منه، ولقد أدركنا أقوامًا قد أوتوا القرآن قبل الإيمان، فإذا قرءوه فإنهم لا يعلمون حلاله ولا حرامه، ولا يعلمون زواجره ولا أوامره ولا نواهيه، ينثرونه نثر الدقل.
أي: يقرءونه دون أن يخرجوا منه بفائدة إيمانية.
لذا فإن المرء لو تعلم الإيمان أولًا فلا بد وأن يقف عند كل نص في دين الله ﷿، سواء كان هذا النص من كتاب أو من سنة أو إجماع أو قياس صحيح سليم.
ولذلك ترى الرجل الذي تربى على الإيمان سرعان ما يبادر إذا وصل إلى سمعه أمر من أوامر الله، أو نهي من نواهي الله ﷿، فيسارع ويبادر إلى اعتقاد هذا الأمر وتعظيمه؛ لأنه من حرمات الله ﷿، ويبادر إلى تنفيذه إن كان أمرًا، أو ينتهي عنه إن كان نهيًا، بخلاف الذي أوتي العلم قبل الإيمان.
أي: أن هناك أناسًا عندهم علم كثير جدًا، لكن ليس عندهم إيمان، فهذا يجعلهم في حيرة وتردد وشك باستمرار كلما ألقي على أسماعهم وقلوبهم أمر من أوامر الله أو نهي من نواهي الله ﷿، ولذلك إذا لم تؤت الإيمان أولًا فاعلم أنك تحتاج مع كل أمر ونهي إلى من يذكرك بتعظيم أمر الله وحرماته وشعائره، حتى تتهيئ نفسيتك لقبول هذا الأمر والانتهاء عن هذا النهي، أما لو أن هذه القواعد الإيمانية موجودة من الأصل فأنت لا تحتاج مع كل أمر لمن يذكرك بوجوب تعظيم حرمة الله ﷿ عليك؛ لأن وجوب تعظيم حرمة الله من أعظم شعب الإيمان، فأنت إذا كنت تعلمت القرآن، وقد أوتيت الإيمان أولًا، فلا تلبث أن تسمع بالأمر أو النهي فتبادر إلى التنفيذ دون الحاجة إلى من يذكرك.
أي: تشعر أن عندك خشية لله ﷿، فإذا سمعت أنه أمر بأمر تقول: سمعًا وطاعة لله، ولا تجادل ولا تناظر ولا تلاجج ولا تجادل ولا تحاجج؛ لأن الأصول عندك ثابتة، وهي: السمع والطاعة لله ﷿، وهما ثمرتا الإيمان بالله ﷿ وبرسوله الكريم ﷺ، ولذلك هناك فرق كبير جدًا بين رجل عالم يشار إليه بالبنان لا إيمان عنده؛ فإنه يحتاج مع كل نص إلى مقدمة ومؤخرة، ومن يروضه على قبول هذا الأمر، ثم هو في النهاية يصرف هذا النص عن ظاهره ليهرب من العمل، ليهرب من مقتضيات هذا النص.
وأخ صغير يبلغ من العمر عشرين سنة أو أقل من ذلك، لكنه تربى على الإيمان، فسرعان ما يسمع بالآية أو سرعان ما يسمع بالحديث فيقول: والله دون هذا النص دمي، ولابد من تطبيقه والعمل به.
فما الذي دفع الشيخ أن يرد هذا الأمر؟ وما الذي دفع هذا الشاب الصغير لقبول هذا الأمر والقتال دون تنفيذه؟ إنه إيمان هذا الشاب بالله ﷿ الذي نتج عنه تعظيم شعائر الله وحرماته، وضعف إيمان ذلك العالم النحرير.
2 / 3