378

Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen

شرح عمدة الأحكام لابن جبرين

Noocyada

كيفية الجمع بين الأحاديث الدالة على الإطالة في الصلاة والأحاديث الدالة على التخفيف
السؤال
كيف نجمع بين الأحاديث الدالة على طول صلاة النبي ﷺ والأحاديث الدالة على خفة صلاته ﷺ؟
الجواب
يجمع بينها بأن يقال: إن الأمر نسبي فطول صلاته بالنسبة للذين يخففون، وتخفيف صلاته بالنسبة إلى أناس يطيلون، فمثلًا: اشتهر أن معاذًا ﵁ كان يطيل، فأنكر عليه النبي ﷺ، فما نوع إطالته؟ استفتح مرة سورة البقرة ليكملها في صلاة العشاء، وكان كذلك يقرأ سورًا طويلة في صلاة الصبح، فأنكر عليه النبي ﷺ هذه الإطالة، وقال: (إن منكم منفرين)، فالإطالة التي أنكروها وقالوا: إن صلاة النبي ﷺ خفيفة في قول بعضهم: (ما رأيت أخف صلاة من رسول الله ﷺ في تمام)، فالمراد بها بالنسبة إلى من يقرأ بأمثال سورة البقرة أو آل عمران ونحو ذلك في صلاة الفريضة، والتخفيف الذي يريدونه بالنسبة إلى من لا يطمئن، يعني: إن صلاته طويلة بالنسبة إلى من يخفف، وصلاته خفيفة بالنسبة إلى من يطيل الإطالة الزائدة.
فعلى هذا لا يكون هناك اختلاف.
وقد ورد في صلاة الظهر أنه كان يقرأ فيها بنحو ثلاثين آية، وورد أيضًا: (أنه كان يكبر في صلاة الظهر فيذهب أحدهم إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يرجع إلى بيته فيتوضأ، ثم يأتي إلى المسجد فيجدهم بالركعة الأولى مما يطيل بهم)، وهذا في حديث جابر الذي في صحيح مسلم، فكان يتعمد مثل هذه الإطالة حتى يدركوا الركعة الأولى، أو حتى يقضوا حوائجهم ونحو ذلك.
ثم قد يخفف أحيانًا، فثبت أنه ﵇ كان يقول: (إني لأدخل الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف؛ كراهة أن أشق على أمه)، فهو يخفف أحيانًا إذا عرض عارض، يعني: قد يكون قاصدًا للإطالة أكثر ثم يعرض له ما يسبب تخفيفه.
فالحاصل: أن الإطالة والتخفيف يعتبر نسبيًا.

21 / 32