78

يتجبر من دون الله وليس من متجبر إلا وفي زمانه أو قبل أو بعد [1] أو انه من هو فوقه بمراتب، وأنى يكون للمملوك الذي لا يقدر على شيء أن ينفذ قدرته فيما يشاء وليس لأحد إلا وله أعداء لا يقدر على دفعهم ولم يأمن من مكرهم. وإنما التجبر الحق للغني المطلق أو لمن أذن الله له وأمر باتباع طريقته الفاضلة والاقتداء بسنته العادلة وقد ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله انه [2] قال: «لو كان موسى بن عمران حيا، لما وسعه إلا اتباعي» [3] وقال صلى الله عليه وآله: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» [4] .

[المتكبر دونه تعالى صغير]

وصغر من تكبر دونه

«المتكبر»، من يعد الكل حقيرا صغيرا بالإضافة إلى نفسه ولا يرى العظمة والكبرياء لغيره، فينظر إلى غيره نظر الملوك إلى العبيد، فإن كانت هذه الرؤية صادقة، كان متكبرا حقا محمودا وإلا كان باطلا مذموما. ولا ينبغي ذلك إلا لله تعالى لأن الكل بالنسبة إليه عبيد خاضعون فقراء حقيرون وأما غيره سبحانه فهو [5] مملوك والمملوك لا يملك شيئا ولا يقدر على شيء بالحقيقة؛ إذ الكل نعماؤه وآلاؤه يختص بها من يشاء من عباده. وأما العارف الزاهد فهو وإن كان يستحقر كل شيء [6] يساهمه البهائم ويستصغر الدنيا والآخرة، فليس ذلك بالنسبة إلى نفسه، بل

Bogga 93