187

وموضوع، كما قال ابو الحسن الرضا عليه السلام في حديث عمران: «ثم خلق خلقا مبتدعا بأعراض وحدود مختلفة، لا في شيء أقامه، ولا في شيء حده، ولا على شيء حذاه ومثله له» [1] الحديث.

وبالجملة، المعنى انه سبحانه ابتدع أولا، بلا مثال سابق كل ما خلق ثانيا أي ان المخلوقات التي هاهنا إنما لها كلها وجود إبداعي في العالم الإلهي المسمى ب «العالم العقلي النوري» من دون تعب حاصل بالحركة، أو نصب واصل لانتظار حالة.

ثم، انه عليه السلام بعد ما ذكر الابتداع، أشار إلى بيان «الاختراع» وهو الإيجاد لا من أصول أزلية وبذلك نفي القول «بالأعيان الثابتة» وثبوت المعدومات والصور العلمية وما يضاهيها فقال: «وكل صانع فمن شيء صنع»: أما العقل فانه أوجد صورة النفس والهيولى في الهوية الصادرة عن الباري؛ وأما النفس فانها أوجدت الطبيعة في المادة الصادرة من العقل؛ وأما الطبيعة التي هي سنة الله في خلقه فانها تفعل الأشياء المادية مع استعداد وحركة للمادة؛ وأما الفواعل المزاجية والقوى النفسانية وكذا الملائكة المدبرة للعوالم الجسمانية وكذا أهل الصنائع المعروفة، فظاهر من أمرها انها تصنع الشيء من مادة كما تكون النطفة من الغذاء والخشبة من البذر والسحاب والمطر وغيرهما من البخار والسرير من الخشب إلى غير ذلك؛ وأما الله سبحانه فهو «لا من شيء صنع ما خلق» لأنه لو كان صنعه من شيء لما انقطع الشيء وتكون معه في تسرمده وأزليته شيء، بل نقول كل مصنوع يصدر من الصانعين بأمره إذا نسب إلى الله فهو مصنوع لا من شيء، وإذا نسب إلى تلك الواسطة فهو من شيء، وهذا عجيب! ولا تعجب [2] من

Bogga 202