126

وجود أحد المتضايفين بدون الآخر.

ومن قال: «حتى م؟» فقد غياه

أي نسبه إلى غاية كما ان «فسقته» بمعنى نسبته إلى الفسق. ولعل الفرق بين «إلى م؟» و«حتى م؟» ان النهاية في الأولى هي الشيء الخارج عن ذي النهاية فمعنى العبارة الأولى: انه من قال: «إلى أي شيء ينتهي حتى يكون بعده ذلك الشيء»، فقد جعله ذا نهاية. والغاية في الثانية هي الأمر الداخل كما هو معنى «حتى» فمعنى العبارة الثانية: من قال: «ان وجوده إلى أي حد يتم وينتهي حتى يكون تمام وجوده في ذلك الحد»، فقد نسبه إلى ذلك الحد والغاية. وبذلك ظهر الفرق بين الغاية والنهاية ويحتمل أن يكون الأولى [1] لنفي الانتهاء في جهة الأبد، والثانية [2] ، لإبطال الانتهاء في طرف الأزل كما يشير إلى ذلك قولهم: «سرت من البصرة إلى الكوفة» وقولهم: «أكلت السمكة حتى رأسها» وبالجملة، قد عرفت انه تعالى لا ثاني له وان الأشياء ليست معه بالوجود، بل بالهلاك والبطلان، بل هو مع الأشياء، وفرق ما بينهما فليس له عز شأنه نهاية. ولا ينتهي وجوده إلى وجود شيء بعده أو الى مرتبة وحد يقف عنده، بل هو سبحانه محيط بجميع الأشياء العالية والسافلة، منزه عن الحد والمرتبة.

ومن غياه فقد غاياه

المفاعلة على أصلها: أي من نسبه إلى غاية فقد جعل نفسه في حد- إذ هو من الموجودات- والباري سبحانه [3] في حد آخر [4] ، فقد جعل الله تعالى ذا حدين إذ

Bogga 141