Sharaxa Tanqiiha Fasoolaha
شرح تنقيح الفصول
Baare
طه عبد الرؤوف سعد
Daabacaha
شركة الطباعة الفنية المتحدة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٣٩٣ هـ - ١٩٧٣ م
Noocyada
Usulul Fiqh
يطلع العقل عليه، فلا شك أن الشيخ سيف الدين قال اختلف جماعة من المعتزلة البصريين وغيرهم في حكم ما لم يدركه العقل ضرورة ولا نظرًا من الأشياء قبل الشرع، فقيل بالحظر وقيل بالإباحة، وحكاه الإمام فخر الدين عامًا في جميع الأفعال وهو مناف لقواعد الاعتزال من جهة أ، القول بالحظر مطلقًا يقتضي تحريم إنقاذ الغريق وإطعام الجائع وإكساء العريان وذلك تأباه قواعد الاعتزال، والقول بالإباحة مطلقًا يقتضي إباحة القتل والفساد في الأرض، وذلك تأباه قواعد الاعتزال أيضًا؛ فلذلك اخترت طريق سيف الدين على طريق الإمام فخر الدين، لأن ما لم يطلع العقل على مفسدته ولا مصلحته أمكن أن يكون محظورًا، ولا منافاة بينه وبين إيجاب ما تُعلم مصالحه، لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه فيكون حرامًا غائبًا؛ كأخذ مال الغير شاهدًا، وأمكن القول بإباحته وليس فيه إباحة مفسدة معلومة فلا تتناقض قواعد القوم بأنه تصرف لا ضرر فيه على المالك الذي هو الله تعالى، ولا على المنتفع الذي هو العبد، فوجب أن يكون مباحًا كالتنزه على بستان الغير والنظر لنهره وداره.
غير أني بعد وضع هذا الكتاب رأيت كلام أبي الحسين في كتابه المعتمد في أصول الفقه، وقد حكى عن شيعة المعتزلة الخلاف مطلقًا من غير تقييد، كما حكى الإمام، فرجعت إلى طريقة الإمام، وقد قررت ذلك نقلًا وبحثًا في شرح المحصول.
وأجاب أصحابنا عن مدركي الإباحة والحظر المتقدمين أن من شرط القياس اتحاد باب المقيس والمقيس عليه، فلا تقاس العقليات إلا على العقليات، والعاديات إلا على العاديات، والشرعيات إلا على الشرعيات. أما العقليات على الشرعيات أو العاديات أو بالعكس فلا، وحينئذ نقول الحظر في مال الغير والإباحة في النظر لبستانه؛ إن ادعيتم أنهما عقليان منعناكم ذلك، فإنه لا مدرك عندنا إلا الشرع، وإن قلتم هما شرعيان سلمنا ذلك، غير أن القياسين يبطلان لأن المقيس حكم عقلي إذ هو ما قبل الشرائع، والمقيس عليه شرعي، فما اتحد الباب، فلا يصح القياس.
1 / 93