Sharaxa Tanqiiha Fasoolaha
شرح تنقيح الفصول
Baare
طه عبد الرؤوف سعد
Daabacaha
شركة الطباعة الفنية المتحدة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٣٩٣ هـ - ١٩٧٣ م
Noocyada
Usulul Fiqh
وقوعها إلا بالشرائع، فالقبيح عندنا ما نهى الله تعالى عنه، والحسن ما لم ينه الله تعالى عنه، وعند المعتزلة القبيح هو المشتمل على صفة لأجلها يستحق صاحبه الذم، والحسن ما ليس كذلك، ومقصودهم بالصفة المفسدة، ومقصودنا ومقصودهم بقولنا وقولهم في الحسن ما ليس كذلك، والاكتفاء بمطلق هذا السبب أمران:
أحدهما أن تكون الأفعال الإلهية حسنة لصدق عدم النهي عليها، ويندرج أيضًا فعل الساهي والغافل وأفعال البهائم. ولو قلنا الحسن هو المأمور به لم تندرج الأفعال الإلهية لعدم الأمر فيها.
وثانيهما: أن ينطبق على قوله تعالى «ليجزينهم الله أحسن ما عملوا» (١) مفهومه أن الله تعالى لا يجازيهم على الحسن وهو كذلك، إذا فسرنا الحسن بما ليس منهيًا عنه، كان أدنى رتبة الإباحة أو أعلى رتبة المطلوب، فيكون المباح الحسن والمطلوب الأحسن والجزاء إنما يقع في المطلوب، فالجزاء إنما هو في الأحسن لا في الحسن، فقد عملنا بالآية مفهومًا ومنطوقًا.
ثم المدرك عند المعتزلة في هذه المسألة أن الله تعالى حكيم فيستحيل عليه تعالى إهمال المفاسد لا يحرمها، وإهمال المصالح فلا يأمر بها، فكذلك كل ما هو ثابت بعد الشرع هو ثابت قبله، إذ لو لم يثبت قبله لوقع إهمال المفاسد والمصالح؛ فالعقل عندهم أدرك أن الله تعالى حكم بتحريم المفاسد، وإيجاب المصالح، لا لأن العقل هو الموجب، والمحرم، بل الموجب والمحرم هو الله تعالى، ولكن ذلك عندهم يجب له لذاته لكونه حكيمًا، كما يجب له لذاته كونه عليمًا.
ونحن نقول معنى كونه تعالى حكيمًا كونه تعالى متصفًا بصفات الكمال من العلم العام المتعلق والقدرة العامة التأثير، والإرادة النافذة ونحو ذلك من صفاته تعالى، لا بمعنى أنه تعالى يراعي المصالح والمفاسد، بل له تعالى أن يضل الخلق أجمعين وأن يهديهم أجمعين، وأن يفعل في ملكه ما يشاء ويحكم ما يريد، فكل نعمة منه فضل
_________
(١) ٣٨ النور.
1 / 90