Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Noocyada
"ويثبت أيضا أن الحقيقة إذا قل استعمالها صارت مجازا، والمجاز إذا كثر استعماله صار حقيقة ثم كل واحد من الحقيقة، والمجاز إن كان في نفسه بحيث لا يستتر المراد فصريح، وإلا فكناية فالحقيقة التي لم تهجر صريح، والتي هجرت، وغلب معناها المجازي كناية، والمجاز الغالب الاستعمال صريح، وغير الغالب كناية" اعلم أن الصريح، والكناية اللذين هما قسما الحقيقة صريح، وكناية في المعنى الحقيقي، واللذين هما قسما المجاز صريح، وكناية في المعنى المجازي. "وعند علماء البيان الكناية لفظ يقصد بمعناه" أي بمعناه الموضوع له "معنى ثان ملزوم له، وهي لا تنافي إرادة الموضوع له فإنها استعملت فيه لكن قصد بمعناه معنى ثان كما في طويل النجاد" فإنه استعمل في الموضوع له لكن المقصود، والغرض من طويل النجاد طويل القامة فطول القامة ملزوم لطول النجاد. "بخلاف المجاز فإنه استعمل في غير ما وضع له فينافي إرادة الموضوع له ثم كل من الحقيقة، والمجاز أما في المفرد، وقد مر تعريفهما، وأما في الجملة فإن نسب المتكلم الفعل إلى ما هو فاعل عنده فالنسبة حقيقة فيه وإن نسب إلى غيره لملابسة بين الفعل، والمنسوب إليه فالنسبة مجازية نحو أنبت الربيع البقل" فقوله عنده أي عند المتكلم اعلم أن بعض العلماء قالوا إلى ما هو فاعل في العقل لكن صاحب المفتاح قال إلى ما هو فاعل عنده حتى لو قال الموحد أنبت الربيع
...................................................................... ..........................
قوله: "ثم كل واحد من الحقيقة، والمجاز" يعني أن الصريح، والكناية أيضا من أقسام الحقيقة والمجاز، وليست الأربعة أقساما متباينة أما عند علماء الأصول فلأن الصريح ما انكشف المراد منه في نفسه أي بالنظر إلى كونه لفظا مستعملا، والكناية ما استتر المراد منه في نفسه سواء كان المراد فيهما معنى حقيقة أو معنى مجازيا، واحترز بقوله في نفسه عن استتار المراد في الصريح بواسطة غرابة اللفظ أو ذهول السامع عن الوضع أو عن القرينة أو نحو ذلك، وعن انكشاف المراد في الكناية بواسطة التفسير، والبيان فمثل المفسر، والمحكم داخل في الصريح، ومثل المشكل، والمجمل في الكناية لما عرفت من أن هذه أقسام متمايزة بالحيثيات، والاعتبارات دون الحقيقة، والذات، وما يقال من أن المراد الاستتار، والانكشاف بحسب الاستعمال بأن يستعملوه قاصدين الاستتار، وإن كان واضحا في اللغة. والانكشاف، وإن كان خفيا في اللغة احترازا عن أمثال ذلك فلا يخفى ما فيه من التكلف، وأما عند علماء البيان فلأن الكناية لفظ قصد بمعناه معنى ثان ملزوم له أي لفظ استعمل في معناه الموضوع له لكن لا ليتعلق به الإثبات، والنفي، ويرجع إليه الصدق، والكذب بل لينتقل منه إلى ملزومه فيكون هو مناط الإثبات، والنفي، ومرجع الصدق، والكذب كما يقال فلان طويل النجاد قصدا بطول النجاد إلى طول القامة فيصح الكلام، وإن لم يكن له نجاد قط بل، وإن استحال المعنى الحقيقي كما في قوله تعالى: {والسماوات مطويات بيمينه} [الزمر:67] وقوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه:5]، وأمثال ذلك فإن هذه كلها كنايات عند المحققين من غير لزوم كذب لأن استعمال اللفظ في معناه الحقيقي، وطلب دلالته عليه إنما هو لقصد الانتقال منه إلى ملزومه، وحينئذ لا حاجة إلى ما قيل: إن الكناية مستعملة في المعنى الثاني لكن مع جواز إرادة المعنى الأول، ولو في محل آخر، وباستعمال آخر بخلاف المجاز فإنه من حيث إنه مجاز مشروط
Bogga 131