Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Noocyada
قوله: "مع أن محكم التنزيل ناطق بهذا" ينبغي أن يكون إشارة إلى شهادة الأعضاء والجوارح، لا إلى حقيقة التسبيح فإن أكثر المفسرين على أنه مؤول بالدلالة على الألوهية والوحدانية، ونحو ذلك فكيف يكون محكما اللهم إلا أن يراد بالمحكم المتضح المعنى، وما ذكر من أن لا تفقهون غير مناسب للمعنى المذكور، وإنما يناسب حقيقة التسبيح فممنوع لأن معناه أن المشركين لا يفقهون هذه الدلالة، ولا يعرفونها لإخلالهم بالنظر الصحيح، والاستدلال الصادق بل الأنسب لحقيقة التسبيح لا تسمعون.
قوله: "التقسيم الثاني" من التقسيمات الأربعة هو تقسيم اللفظ باعتبار استعماله في المعنى فاللفظ المستعمل استعمالا صحيحا جاريا على القانون إما حقيقة أو مجازا لأنه إن استعمل فيما وضع له فحقيقة، وإن استعمل في غيره فإن كان لعلاقة بينه، وبين الموضوع له فمجاز، وإلا فمرتجل، وهو أيضا من قسم الحقيقة لأن الاستعمال الصحيح في الغير بلا علاقة وضع جديد فيكون اللفظ مستعملا فيما وضع له فيكون حقيقة، وإنما جعله من قسم المستعمل في غير ما وضع له نظرا إلى الوضع الأول فإنه أولى بالاعتبار فإن قيل فالمستعمل في غير ما وضع له في الجملة لا ينحصر في المجاز، والمرتجل بل قد يكون منقولا قلنا نعم إلا أنه لما كان حقيقة من جهة مجازا من جهة لوجود العلاقة، وكان ذلك يفتقر إلى زيادة تفصيل وبيان آخر حكمه فإن قيل الاستعمال لا لعلاقة لا يوجب عدم العلاقة فالمرتجل يجوز أن يكون مجازا في المعنى الثاني من جهة الوضع الأول قلنا لما تعسر الاطلاع على أن الناقل هل اعتبر العلاقة أم لا اعتبروا الأمر الظاهر، وهو وجود العلاقة، وعدمها فجعلوا الأول منقولا، والثاني مرتجلا فلزم في المرتجل عدم العلاقة، وفي المنقول وجودها لكن لا لصحة الاستعمال بل لأولوية هذا الاسم بالتعيين لهذا المعنى ثم قيد الاستعمال لا بد منه في تعريف الحقيقة، والمجاز إذ لا يتصف اللفظ بهما قبل الاستعمال بخلاف المرتجل فإنه يكفي فيه مجرد النقل، والتعيين.
وقيدنا الاستعمال بالصحيح احترازا على الغلط مثل استعمال لفظ الأرض في السماء من غير قصد إلى وضع جديد، والمراد بوضع اللفظ تعيينه للمعنى بحيث يدل عليه من غير قرينة أي يكون العلم بالتعيين كافيا في ذلك فإن كان ذلك التعيين من جهة واضع اللغة فوضع لغوي، وإلا فإن كان من الشارع فوضع شرعي، وإلا فإن كان من قوم مخصوص كأهل الصناعات من العلماء، وغيرهم فوضع عرفي خاص، ويسمى اصطلاحيا، وإلا فوضع عرفي عام وقد غلب العرف عند الإطلاق على العرف العام فالمعتبر في الحقيقة هو الوضع بشيء من الأوضاع المذكورة وفي المجاز عدم الوضع في الجملة ولا يشترط في الحقيقة أن تكون موضوعة لذلك المعنى في جميع الأوضاع ولا في المجاز أن لا يكون موضوعا لمعناه في شيء من الأوضاع فإن اتفق في الحقيقة لن تكون موضوعة للمعنى بجميع الأوضاع الأربعة فهي حقيقة على الإطلاق، وإلا فهي حقيقة مقيدة بالجهة التي كان بها الوضع، وإن كان مجازا بجهة أخرى كالصلاة في الدعاء حقيقة لغة مجاز شرعا، وكذا المجاز قد يكون مطلقا بأن يكون مستعملا فيما هو غير الموضوع له بجميع الأوضاع، وقد يكون مقيدا بالجهة التي بها كان غير موضوع له كلفظ الصلاة في الأركان المخصوصة مجاز لغة حقيقة شرعا فاللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد قد يكون حقيقة، ومجازا لكن من جهتين كلفظ الصلاة على ما ذكرنا بل ومن جهة واحدة أيضا لكن باعتبارين كلفظ الدابة في الفرس من جهة اللغة على ما سيجيء ثم إطلاق الحقيقة، والمجاز على نفس المعنى أو على إطلاق اللفظ على المعنى، واستعماله فيه شائع في عبارة العلماء مع ما بين اللفظ، والمعنى من الملابسة الظاهرة فيكون مجازا لا خطأ، وحمله على خطأ العوام من خطأ الخواص.
Bogga 127