Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Noocyada
قوله: "مسألة" تحرير النزاع على ما صرح به في أصول الشافعية أنه إذا حكى الصحابي فعلا من أفعال النبي عليه السلام بلفظ ظاهره العموم مثل: نهى عن بيع الغرر، وقضى بالشفعة للجار هل يكون عاما أم لا فذهب بعضهم إلى عمومه لأن الظاهر من حال الصحابي العدل العارف باللغة أنه لا ينقل العموم إلا بعد علمه بتحققه، وذهب الأكثرون إلى أنه لا يعم لأن الاحتجاج إنما هو بالمحكي لا الحكاية، والعموم إنما هو في الحكاية لا المحكي ضرورة أن الواقع لا يكون إلا بصفة معينة والمصنف رحمه الله تعالى مثل لذلك بقول الصحابي: صلى النبي صلى الله عليه وسلم داخل الكعبة، ولا يخفى أنه لا يكون من محل النزاع إلا على تقدير عموم الفعل المثبت في الجهات والأزمان، والصحيح أنه لا عموم له لأن الواقع إنما يكون بصفة معينة، وفي زمان معين، وغيره إنما يلحق به بدليل من دلالة نص أو قياس أو نحو ذلك ثم رد تمثيلهم لذلك بمثل: قضى بالشفعة للجار بأنه ليس حكاية الفعل بل نقل الحديث بمعناه، ولو سلم فلفظ الجار عام، وفيه نظر أما أولا فلأن مدلول الكلام ليس إلا الإخبار عن النبي عليه السلام بأنه حكم بالشفعة للجار، ولا معنى لحكاية الفعل إلا هذا. وأما ثانيا فلأن عموم لفظ الجار لا يضر بالمقصود إذ ليس النزاع إلا فيما يكون حكاية الصحابي بلفظ عام. وأما ثالثا فلأن جعله بمنزلة قول الصحابي قضى النبي عليه السلام بالشفعة لكل جار غير صحيح بعد تسليم كونه حكاية للفعل ضرورة أن الفعل أعني قضاءه بالشفعة إنما، وقع في بعض الجيران بل في جار معين فإن قيل يجوز أن يقع حكمه بصيغة العموم بأن يقول مثلا الشفعة ثابتة للجار قلنا فحينئذ يكون نقل الحديث بالمعنى لا حكاية الفعل، والتقدير بخلافه مسألة: اللفظ الذي ورد بعد سؤال أو حادثة إما أن لا يكون مستقلا أو يكون فحينئذ إما أن يخرج مخرج الجواب قطعا أو الظاهر أنه جواب مع احتمال الابتداء أو بالعكس نحو أليس لي عليك كذا فيه فيقول بلى أو كان لي عليك كذا فيقول نعم ونحو سها فسجد، وزنى ماعز فرجم ونحو تعال تغد معي فقال إن تغديت فكذا من غير زيادة ونحو إن تغديت اليوم مع زيادة على قدر الجواب ففي الثلاثة الأول يحمل على
أنه ابتداء الكلام" مع احتمال الجواب "نحو أليس لي عليك كذا فيه فيقول بلى أو كان لي عليك كذا فيقول نعم" هذا نظير غير المستقل. "ونحو سها فسجد، وزنى ماعز فرجم" هذا نظير المستقل الذي هو جواب قطعا "ونحو تعال تغد معي فقال إن تغديت فكذا من غير زيادة" هذا نظير المستقل الذي الظاهر أنه جواب "ونحو إن تغديت اليوم مع زيادة على قدر الجواب" هذا نظير المستقل الذي الظاهر أنه ابتداء مع احتمال الجواب ففي كل موضع ذكر لفظ نحو فهو نظير قسم واحد.
"ففي الثلاثة الأول يحمل على الجواب، وفي الرابع يحمل على الابتداء عندنا حملا للزيادة على الإفادة، ولو قال عنيت الجواب صدق ديانة، وعند الشافعي رحمه الله تعالى يحمل على الجواب"، وهذا ما قيل إن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب عندنا فإن الصحابة، ومن بعدهم تمسكوا بالعمومات الواردة في حوادث خاصة، "فصل حكم المطلق أن يجري
...................................................................... ..........................
قوله: "اللفظ الذي ورد بعد سؤال أو حادثة" يعني يكون له تعلق بذلك السؤال أو الحادثة، وحينئذ ينحصر الأقسام الأربعة المذكورة لامتناع أن يكون اللفظ قطعا في الابتداء لا يحتمل الجواب، ونعني بغير المستقل ما لا يكون مفيدا بدون اعتبار السؤال أو الحادثة مثل نعم فإنها مقررة لما سبق من كلام موجب أو منفي استفهاما أو خبرا، وبلى فإنها مختصة بإيجاب النفي السابق استفهاما أو خبرا فعلى هذا لا يصح بلى في جواب أكان لي عليك كذا، ولا يكون نعم في جواب أليس لي عليك كذا إقرارا إلا أن المعتبر في أحكام الشرع هو العرف حتى يقام كل واحد منهما مقام الآخر فيكون إقرارا في جواب الإيجاب، والنفي استفهاما أو خبرا.
قوله: "حملا للزيادة على الإفادة" يعني لو قال إن تغديت اليوم فكذا في جواب تعال تغد معي يجعل كلامه مبتدأ حتى يحنث بالتغدي في ذلك اليوم ذلك الغداء المدعو إليه أو غيره معه أو بدونه لأن في حمله على الابتداء اعتبار الزيادة الملفوظة الظاهرة، وإلغاء الحال المبطنة، وفي حمله على الجواب الأمر بالعكس، ولا يخفى أن العمل بالحال دون العمل بالمقال، والله أعلم بحقيقة الحال.
قوله: "صدق ديانة" لأنه نوى ما يحتمله اللفظ لا قضاء لأنه خلاف الظاهر مع أن فيه تخفيفا عليه.
Bogga 113