219

Sharh Talcat Shams

شرح طلعة الشمس على الألفية

Noocyada

* الوجه الثاني: أن تكون عاطفة، وهي كالجارة في إفادة معنى الغاية، وهذا معنى قول المصنف: "وأتت عاطفة حتى وعناها ثبت"، أي: والحال أن معناها الذي هو الغاية ثابت لها في حال العطف، والفرق بين الجارة والعاطفة؛ أن الجارة قد تكون بمعنى "كي" كما مر، والعاطفة لا تكون كذلك، وأن العاطفة يجب أن يكون ما بعدها جزءا لما قبلها، وداخلا في حكمه، نحو: ضربت القوم حتى زيدا، أو كجزئه بسبب الاختلاط، نحو: ضربت السادة حتى عبيدهم، أو كالجزء لما دل عليه ما قبلها، كما في قوله:

ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها

عند من قال: إن نعله عطف على الصحيفة؛ لأن معنى ألقي الصحيفة؛ ألقى جميع ما معه.

وأما الجارة فالأكثرون على تجويز كون ما بعدها متصلا بآخر أجزاء ما قبلها، نحو: نمت البارحة حتى الصباح، وصمت رمضان حتى الفطر، كما يكون جزءا منه أيضا، نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، بالجر، وعند الصيرفي يجب أن يكون ما بعدها جزءا لما قبلها كما في العاطفة، وإلى وجوب أن يكون ما بعد حتى العاطفة جزءا لما قبلها، أو كالجزء منه؛ أشار بقوله: "فتعطف الغاية في العلو" إلى آخره؛ لأنه إنما وجب أن يكون ما بعدها جزءا لما قبلها، أو كالجزء منه من حيث إفادتها الغاية، لا من حيث العطف لاقتضاء العطف التغاير، فما بعد "حتى" العاطفة غاية لما قبلها في العلو، كمات الناس حتى الأنبياء، أو في الدنو: كجاء الناس حتى الحجامون، ولما وجب أن يكون ما بعد حتى العاطفة جزءا لما قبلها؛ وجب دخول ما بعدها في حكم ما قبلها كما تقدم، وإلى هذا أشار بقوله: "فتدخل الغاية في المغيا إن عطفت"، فيحي أحد الناس، وهو داخل في حكم المجيء إن قلت: جاء الناس حتى يحي، ونحو: ذهبت السادة حتى عبيدهم.

أما حتى الجارة فلا يجب دخول ما بعدها في حكم ما قبلها لعدم وجوب أن يكون ما بعدها جزءا لما قبلها كما مر، لكن يدخل ما بعدها في حكم ما قبلها تارة، وهو الغالب من استعمالها، ولا يدخل أخرى، وذلك بحسب القرائن، وهذا معنى قوله: "وإن تكن مجرورة؛ فتدخل"، أي: وإن تكن الغاية مجرورة بحتى؛ فتدخل في حكم ما قبلها، وطورا لا تدخل.

Bogga 242