198

Sharh Talcat Shams

شرح طلعة الشمس على الألفية

Noocyada

فإنما نجد الواو مستعملة في مواضع لا يصح فيها الترتيب ولا المقارنة، والأصل في الإطلاق الحقيقة، وذلك مثل: تشارك زيد وعمرو، واختصم بكر وخالد، والمال بين زيد وعمرو، وجاءني زيد وعمرو قبله أو بعده وأمثالهما، ومنها أنهم ذكروا أن الواو بين الاسمين المختلفين بمنزلة الألف بين الاسمين المتحدين، فكما لا دلالة لمثل: جاءني رجلان على المقارنة والترتيب بالإجماع، فكذا جاءني رجل وامرأة، وكذا الواو وكذا الواو بين الأسماء المتحدة لا يدل على المقارنة والترتيب، مثل: مسلمون، فكذا بين الأسماء المختلفة، نحو جاءني زيد وعمرو وبكر، والمراد بالاتحاد هاهنا هو الاتحاد الظاهري، فإذا ظهر لك مما ذكرناه أن الواو العاطفة لمطلق الجمع من غير معية، ولا ترتيب؛ فاعلم أنه إذا حلف حالف بأنه لا يأكل التمر والزبيب مثلا، فأكلهما؛ كان حانثا في يمينه سواء أكلهما معا في حال واحد أو أكل التمر أولا والزبيب ثانيا على الترتيب، مع مهلة أو مع عدمها، أو أكل الزبيب أولا والتمر ثانيا؛ ففي كل هذه الأحوال يكون حانثا إلا إذا قيد بمعية أو ترتيب، كأن يقول: لا آكل التمر والزبيب معه أو بعده أو قبله؛ فإنه لا يحنث إلا إذا فعل ما حلف عليه من ذلك، وكذلك لا يحنث أيضا إذا أكل التمر دون الزبيب أو الزبيب دون التمر؛ لأنه إنما حلف على أن لا يشركهما في الأكل، فإذا لم يشركهما في الأكل فلا حنث عليه، وكذلك لا يحنث أيضا إذا قال لزوجته: إن قام زيد وقعد عمرو فأنت طالق، فقام زيد ولم يقعد عمرو أو قعد عمرو، ولم يقم زيد فلا تطلق زوجته بذلك؛ لأنه إنما علق طلاقها بثبوت القيام من زيد والقعود من عمرو، فإن ثبتا وقع الطلاق سواء قام زيد قبل قعود عمرو، أو قعد عمرو قبل قيام زيد أو كان ذلك منهما في حال واحد، وكذلك يحنث أيضا إن قال لها: إن قام وقعد زيد فأنت طالق، فقام زيد ولم يقعد أو قعد ولم يقم؛ فإنها لا تطلق إلا إذا ثبت من زيد قيام وقعود بعد الحلف سواء

قدم القيام على القعود، أو القعود على القيام، فإن فعلهما معا طلقت، والله أعلم.

وتستعار الواو للحال؛ لأن الواو لمطلق الجمع والاجتماع الذي بين الحال، وصاحبها من محتملات ذلك الجمع.

Bogga 221