184

Sharh Talcat Shams

شرح طلعة الشمس على الألفية

Noocyada

وأجيب بأن الفرق بينهما أن النظر هنالك فيما سبق إلى مجرد الأول وهنا إلى مجرد الاستعداد وعلى هذا فالفرق بينهما اعتباري، وقد تكون العلاقة المجاورة كالطلاق الراوية على مزودة الماء، وإطلاق الجري للميزاب من قولهم جرى الميزاب. وقول المصنف: ونوعها ينقل لا الأفراد يعني أن المعتبر في المجازات إنما هو

نقل نوع العلاقة لا نقل أفراد المجازات، وبيان ذلك أنه إذا نقل عن العرب إطلاق الأسد مثلا على الرجل الشجاع لأجل المشابهة بينهما صح لنا أن نطلق اسم الشيء على ما يشابهه من سائر الاسماء، وكذلك سائر العلاقات، ولهذا لم يدونوا المجازات تدوينهم الحقائق. وأيضا فقد أجمعوا على أن اختراع الاستعارات الغريبة التي لم تسمع بأعيانها عن أهل اللسان إنما هو من طرق البلاغة، هذا قول أكثر العلماء، وقال عبد القاهر الجرجاني إنه لا يستعمل من المجازات إلا ما قد استعملته العرب من ذلك فهو يشترط نقل أفراد المجازات، ولا يكتفي بنقل نوع العلاقة، وتمسك في ذلك بأنه لو جاز التجوز بمجرد وجود العلاقة لجاز إطلاق نخلة لطويل غير إنسان للمشابهة، وشبكة للصيد للمجاورة، وأب للابن للسببية واللازم باطل بالاتفاق، وأيضا فلو جاز التجوز بمجرد العلاقة لكان الوضع ابتداء فلا يكون عربيا، أو قياسا في اللغة لا تثبت بالقياس، والترجيح كما سيأتي.

- وأجيب عن الأول: بأنا لا نسلم أن العلاقة بين الإنسان والنخلة مجرد الطول بل مع الاستقامة، والدقة، ونحو ذلك مما يطول، وكذا القول في نحو الشبكة مع الصيد، والأب مع الابن فيمكن أن نقول أن نفس المجاورة، ونفس السببية لا يكفيان علاقة إلا مع نوع يسوغ إطلاق اسم أحدهما على الآخر كما في الميزاب مع الماء، فإنه جمع مع المجاورة والسببية هما العلاقة فنقول أن العلاقة مقتضية للصحة، والتخلف عن المقتضى ليس بقادح لجواز أن يكون لمانع مخصوص، فإن عدم المانع ليس جزءا من المقتضى.

Bogga 203