160

Sharh Talcat Shams

شرح طلعة الشمس على الألفية

Noocyada

- أحدها: قوله تعالى: { حرمت عليكم الميتة } (المائدة: 3)، ونحو ذلك وضابطه أن يكون التحريم مسندا إلى اسم عين، قال أبو علي، وأبو هاشم، والقاضي، وغيرهم ونقطع أنه غير مجمل؛ لظهور المراد منه وهو في الآية الأولى تحريم النكاح، وفي الآية الثانية تحريم الأكل، وقال أبو عبد الله البصري، وأبو الحسن الكرخي، وبعض الحنفية، بل هو مجمل لتردده بين تحريم المنافع، احتج القائلون بعدم الإجمال في هذا النوع بأن الصحابة، والتابعين استدلوا بهذه الآيات على التحريم ولو كانت مجملة لم يستدل بها على شيء، احتج القائلون بالإجمال بأن لفظ التحريم محتمل لتحريم لمسها، أو رؤيتها، أو أكلها، وغير ذلك من الوجوه المحتملة، أو لجميها، وقد أبيح البعض للضرورة فلا تصح إرادة جميعها، والبعض الآخر غير معين فلزم الإجمال.

وأجيب: بأنه يحمل على المعتاد من الانتفاع دون غيره، فتحريم الميتة يتناول أكلها إذ هو المعتاد، وتحريم الأم يتناول الاستمتاع لذلك.

- وثانيها: قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة إلا بطهور" وقوله: "لا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل"، وقوله: "لا نكاح إلا بولي" ونحو ذلك ومثله: "لا إحرام لمن لم يلب"، ذهب الباقلاني إلى أنه مجمل؛ لأن المنفي فيه الفعل، والمراد نفي صفة وهي غير معنية، قال البدر الشماخي: "والصحيح أن العرف الشرعي بين المقصود منه وهو نفي الصحة؛ أي لا يكون الصيام صحيحا، أو الصلاة صحيحة"، احتج المخالف بأن مثل هذا اللفظ لم يطرد في نفي الصحة، بل قد ورد نفي الفضل، والكمال فقط، كقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لا صلاة لجار المسجد"، فتردد بين نفي الفضل، ونفي الصحة، فلزم الإجمال.

وأجيب: بأنه لا نسلم أن استعماله في نفي الفضل في الاطراد كاستعماله في نفي الصحة، بل هو حقيقة عرفا في نفي الصحة، ويستعمل في نفي الفضل مجازا، إذ لا يصار إليه إلا بقرينة.

- وثالثها: قوله - صلى الله عليه وسلم - : "الأعمال بالنيات"، قالت المعتزلة وبعض أصحاب الشافعي، وصححه البدر الشماخي: أنه غير مجمل، فصلح دليلا على وجوب النية في أعمال الطاعة، وقال الكرخي وأبو الحسين: بل هو مجمل لاحتماله نفي الكمال ونفي الصحة، حيث لا نية؛ أي: لأن معنى قوله الأعمال بالنيات كمعنى قوله لا عمل إلا بنية.

Bogga 178