144

Sharh Talcat Shams

شرح طلعة الشمس على الألفية

Noocyada

اعلم أنه إذا ورد عموم ثم جاء من بعده ضمير يعود إلى بعض أفراد ذلك العام، فقد اختلف في تخصيص العام فقد اختلف في تخصيص العام به، والقول بأنه لا يخصصه هو الذي عدله المحققون من الأصوليين، وذهب إليه البدر الشماخي من أصحابنا، والجمهور من المعتزلة، وقال الجويني: "بل يقتضي تخصيص ما عاد إليه"، وتوقف أبو الحسين، وذلك نحو قوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء } (البقرة: 236)، إلى قوله: { إلا أن يعفون } (البقرة: 237) ملك العفو من النساء وهن البالغات، العاقلات، فلا يقتضي أن المراد بالنساء في أولها من يملك العفو فقط دون الصغيرة والمجنونة، بل هو على عمومه، ومثل هذه الآية قوله تعالى: { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } (الطلاق: 1)، ثم قال: { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } (الطلاق: 1)، يعني الرغبة في مراجعتهن، ومعلوم أن ذلك لا يتأتى في البائنة، فهل يقتضي أن المراد بالنساء في أولها الرجعيات دون البوائن، فيه خلاف، وكذلك قوله تعالى: { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } (البقرة: 228)، ثم قال: { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك } (البقرة: 228)، فالضمير من قوله وبعولتهن عائد إلى بعض المطلقات وهن الرجعيات، ولا يصح أن يعود إلى جميع المطلقات؛ لأن منهن البوائن، وحكم المراجعة مختص بالمطلقات الرجعيات، فالضمير عائد إليهن خاصة، ولا يكون بعوده إليهن خاصة مخصصا لعموم المطلقات عندنا، بل عموم المطلقات باق على حاله عندنا خلافا للجويني، وضابط ذلك أن يتعقب العموم تقييد باستثناء أوصفة أو شر، لا يتأتى ذلك التقييد إلا في بعض ما تناوله ذلك العموم لا جميعه، فهل يقتضي تخصيص ذلك العموم؛ أي يكشف عن كون المراد بالعموم ذلك المقيد فقط لا غيره$ فيه الأقوال

الثلاثة.

وحجتنا على ذلك أنه لا يلزم أن يحمل على التخصيص إلا إذا كان بينهما تناف، أو ما يجري مجراه، ولا تنافي بين هذه العمومات المذكورة، وبين التقييد لبعض مدلولها لجواز أن يختص بعض مدلول العموم بحكم يخصه دون البعض الآخر، ولا تنافي في ذلك، احتج الجويني بأن الضمير عائد إلى العموم حتى كأنه قال: إلا أن يعفو النساء والمعلوم أنه لو أظهر ذلك، كان المقصود بالنساء البوالغ العاقلات، فكذلك مع الإضمار إذ الضمير كناية عن المظهر المتقدم.

Bogga 162