Sharh Sunan Abi Dawood by Al-'Abbad
شرح سنن أبي داود للعباد
Noocyada
شرح حديث: (أتى رسول الله سباطة قوم فبال قائمًا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب البول قائمًا.
حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا شعبة ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة وهذا لفظ حفص عن سليمان عن أبي وائل عن حذيفة أنه قال: (أتى رسول الله ﷺ سُباطة قوم فبال قائمًا، ثم دعا بماء فمسح على خفيه).
قال أبو داود: قال مسدد: قال: (فذهبت أتباعد، فدعاني حتى كنت عند عقبه)].
أورد أبو داود ﵀ هذه الترجمة: (باب: البول قائمًا)، يعني: ما حكمه؟ والمعروف من عادته ﷺ أنه كان يبول قاعدًا، والبول قائمًا جاء عنه نادرًا وقليلًا، وهو يدل على أن ذلك جائز، ولكن ما داوم عليه الرسول ﷺ هو الأولى والأفضل والأكمل، وهو أن يكون الإنسان عن قعود لا عن قيام، ولكنه إذا فعل ذلك قائمًا في بعض الأحيان فلا بأس بذلك إذا أمن ألا يقع عليه شيء من البول بسبب ذلك، ويكون فعل الرسول ﷺ له في بعض الأحيان أو نادرًا فيه بيان الجواز عندما يحتاج الإنسان إلى ذلك.
وقد يكون الرسول ﷺ فعل ذلك نادرًا لضرورة دعته إلى ذلك، ولكن كونه ﷺ حصل منه ذلك وهو قائم يدلنا على أن الإنسان يجوز له أن يبول قائمًا إذا دعا الأمر إلى ذلك، لكن بشرط ألا يصل إليه شيء من رشاش البول بسبب كونه يبول عن قيام.
ذكر المصنف حديث حذيفة ﵁ أنه كان مع النبي ﷺ فجاء سباطة قوم، والسباطة هي: المكان الذي يلقى فيه الأتربة والقمائم وما إلى ذلك، فإنه إذا كنست البيوت وجُمع ما يحصل عن كنسها فإنه يلقى في أفنية البيوت، يعني: خارجها وقريبًا منها.
وغالبًا ما يكون ذلك المكان فيه أتربة وأشياء إذا وقع عليها البول فإن الأرض تشربه ولا يحصل من ذلك تطاير رشاش البول؛ لأن الأرض تكون سهلة، فالنبي ﷺ جاء سباطة قوم فبال قائمًا، وكان معه حذيفة فأراد أن يتباعد، فطلب منه أن يرجع إليه وأن يكون في مكان قريب منه حتى يستره.
وقد يكون هذا الذي جاء في الحديث فيه إشارة إلى أن الرسول ﷺ اضطر إلى ذلك، وأنه احتاج إلى أن يفعله، وأنه ما استطاع أن يصبر إلى أن يصل إلى مكان آخر، ولهذا فعل ذلك وطلب من حذيفة أن يقرب منه حتى يستتر به.
والحديث يدل على أنه يجوز البول قائمًا للحاجة، والأصل أن يبال في حال الجلوس.
قوله: [(ثم دعا بماء فمسح على خفيه)].
يعني: توضأ ومسح على خفيه، وهذا الحديث مختصر؛ لأن الحديث فيه: (توضأ ومسح على خفيه) يعني: أنه غسل أعضاء الوضوء، وأما الخفان فقد مسح عليهما؛ لأنه كان عليه خفان فمسح عليهما.
فالمقصود: أنه توضأ ومسح على الخفين، والحديث فيه اختصار ذكر آخره، والذي هو ذكر المسح دون أوله الذي فيه ذكر الوضوء.
8 / 3