Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Daabacaha
الشركة الشرقية للإعلانات
Sanadka Daabacaadda
1390 AH
Noocyada
Fiqhiga Xanafiyada
فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ حَدِيثٌ مِنْهُمْ فَتَارَةً كَانَ يَرْوِيهِ وَتَارَةً كَانَ يُفْتِي بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْوِي، فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ.
وَالْمُرَابَطَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُقَامِ فِي ثَغْرِ الْعَدُوِّ لِإِعْزَازِ الدِّينِ، وَدَفْعِ شَرِّ الْمُشْرِكِينَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ (١٤ آ) . وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنْ رَبَطَ الْخَيْلَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ [الأنفال: ٦٠] فَالْمُسْلِمُ يَرْبِطُ خَيْلَهُ حَيْثُ يَسْكُنُ مِنْ الثَّغْرِ لِيُرْهِبَ الْعَدُوَّ بِهِ. وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ عَدُوُّهُ. وَلِهَذَا سُمِّيَ مُرَابَطَةً، لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَى مِيزَانِ الْمُفَاعَلَةِ يَجْرِي بَيْنَ اثْنَيْنِ غَالِبًا، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرِّبَاطُ رِبَاطًا لِلْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ فِي الْمَفَازَةِ لِيَسْكُنَهُ النَّاسُ لِيَأْمَنَ الْمَارَّةُ بِهِمْ مِنْ شَرِّ اللُّصُوصِ. وَجُعِلَ رِبَاطُ يَوْمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَصِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ.
٣ - وَقَدْ رُوِيَ بَعْدَ هَذَا أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ فَإِنَّهُ رُوِيَ: عَنْ مَكْحُولٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إنِّي وَجَدْت غَارًا فِي الْجَبَلِ فَأَعْجَبَنِي أَنْ أَتَعَبَّدَ فِيهِ وَأُصَلِّيَ حَتَّى يَأْتِيَنِي قَدَرِي. فَقَالَ ﵇: لَمُقَامُ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِ سِتِّينَ سَنَةً فِي أَهْلِهِ» . وَهَذَا التَّفَاوُتُ إمَّا بِحَسَبِ التَّفَاوُتِ فِي الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ مِنْ الْعَدُوِّ، فَكُلَّمَا كَانَ الْخَوْفُ أَكْثَرَ كَانَ الثَّوَابُ فِي الْمُقَامِ أَكْثَرَ. أَوْ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ مَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِ بِمُقَامِهِ، فَإِنَّ أَصْلَ هَذَا الثَّوَابِ لِإِعْزَازِ الدِّينِ وَتَحْصِيلِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ بِعَمَلِهِ. قَالَ ﵇: «خَيْرُ النَّاسِ مَنْ يَنْفَعُ النَّاسَ»
1 / 7