Sharh Riyadh al-Salihin - Hutaybah
شرح رياض الصالحين - حطيبة
Noocyada
حسن الخلق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قوله: (الأمر بالمعروف) وكأن اللام هنا لام الجنس، وهو كل ما عرفته الشريعة لك بأنه أمر حسن، ولن تستطيع الأمر بالمعروف إلا إذا تعلمت القرآن والسنة عن طريق سؤال أهل العلم، يقول تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل:٤٣]، فإذا تعلمت القرآن تعلمت السنة، وتعلمت الخلق الحسن من الكتاب ومن السنة.
فإذا أمرت بالمعروف لا يكون الأمر بالمعروف هو عين المنكر، وإذا نهيت عن منكر لا يكون نهيك عن المنكر منكرًا، فتنهى بصورة منكرة وبفعلك تنفر الخلق عن دين الله، فهذا لا ينبغي.
فالأمر بالمعروف لا بد أن يكون بحكمة وموعظة حسنة، وكذلك النهي عن المنكر، فتحصل على الخير العظيم في الدنيا وفي الآخرة، يقول ﵊: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه)، فيجب أن يكون الإنسان رفيقًا يحبه الناس، ولا ينبغي أن يكون غليظًا شديدًا يبغضه الناس، والمحبوب من الناس يجد استجابة له منهم.
قال ربنا ﷾ هنا: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ﴾ [آل عمران:١٠٤] واللام لام الأمر، أي لتوجد منكم وكأن الأمر هنا بالإيجاد أي: أوجدوا ذلك، وكونوا على ذلك، وإعراب كلمة (أمة): فاعل مرفوع، وفعل الأمر في بداية الجملة تام وليس ناقصًا.
وصفاتهم: ﴿يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران:١٠٤]، يدعون إلى الخير، أي الخير الموجود في هذا الدين، والدين كله خير، والذي يتأثر بالدين يستشعر حلاوته في لسانه وفي قلبه، وتستشعر حلاوة الدين عندما تقرأ القرآن وكذلك تتذوق حلاوة كلام رب العالمين، وكلام النبي ﷺ في قلبك، وتستشعر زيادة الإيمان، وعليك أن تدعو وليست عليك النتيجة، فالنتيجة لم يكلف بها أحد لا نبي ولا رسول ولا ولي ولا آحاد الناس، والذي عليك فقط أن تدعو الله ﷿ بالحكمة والموعظة الحسنة.
﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [آل عمران:١٠٤] أي: بكل ما أمر الله ﷿ به وأمر النبي ﷺ به.
(وينهون عن المنكر) اللام لام الجنس أي: جنس المنكر فأي منكر ولا بد وأن ينهى عنه ولكن بحسب طريقة النهي، فلا بد أن يكون الناهي حكيمًا حليمًا، يكون مخلصًا يرجو في أمره ونهيه أن يستجيب الناس وبهذا تحققت استجابة الناس، ولعل الإنسان إذا أمر استجاب الإنسان.
﴿وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران:١٠٤] والفلاح هو النجاح، والنجاح قد يكون مؤقتًا، وقد يكون دائمًا، والمقصود في الآية هو النجاح الأبدي الذي لا خسارة بعده.
1 / 4