159

Sharh Riyadh as-Salihin

شرح رياض الصالحين

خدمة جرير البجلي للأنصار إكرامًا لرسول الله
من الآثار: أثر أنس بن مالك قال: (خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي ﵁ ﵎ عنه في سفر فكان يخدمني).
وجرير أكبر من أنس بكثير في السن، فكان جرير هو الذي يخدم أنسًا، وجرير كان في قومه كالملك، فقد كان في قومه سيدًا، وكان رجلًا مهابًا شريفًا كريمًا رضي الله ﵎ عنه، وكان بهيًا جميل المنظر حتى أن عمر ﵁ كان يقول عنه: (مشرف هذه الأمة) جرير بن عبد الله البجلي.
فخرج مع أنس بن مالك فكان جرير يخدم أنس بن مالك الذي هو أصغر منه سنًا، فيقول أنس: (فقلت: لا تفعل) استحيا أنس ﵁، فقال له جرير بن عبد الله ﵁: (إني قد رأيت الأنصار تصنع لرسول الله ﷺ شيئًا آليت على نفسي ألا أصحب أحدًا منهم إلا خدمتُه) أي: إكرامًا للنبي صلوات الله وسلامه عليه، وإكرامًا لقومك أن أكرموا النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وهنا جرير يكرم أنس بن مالك؛ لأن أنسًا كان خادمًا للنبي ﷺ، فقد خدمه عشر سنوات، وأهل وأقارب أنس من الأنصار رضوان الله عليهم فعلوا للنبي ﷺ كل خير، لذلك كان جرير البجلي يقول: إن للأنصار جميلًا على النبي ﷺ وكأنه جميل على جرير نفسه، فيقول: (آليت -يعني: أقسمت- ألا أصحب أحدًا من الأنصار إلا خدمته).

16 / 3