141

Sharh Riyadh as-Salihin

شرح رياض الصالحين

أجر الصدقة على الزوج وذوي القرابة
ومن الأحاديث حديث للسيدة زينب الثقفية زوج عبد الله بن مسعود ﵁، حيث قالت: قال رسول الله ﷺ: (تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن).
فالمرأة إذا لم يكن لها فلوس يقال لها: تصدقي ولو من الحلي الذي تملكينه.
وزينب الثقفية زوج ابن مسعود ﵄ كانت غنية، وزوجها عبد الله بن مسعود الصحابي الفقيه الفاضل كان فقيرًا، كان خفيف ذات اليد، أي: فقيرًا ليس عنده مال، فالمرأة رجعت إليه وقد أمر النبي ﷺ بالصدقة، فقالت: إنَّ رسول الله ﷺ قد أمرنا بالصدقة، فاسأله هل ينفع أن أعطيك الصدقة وأنت زوجي أم لا ينفع ذلك؟ فقال: بل ائتيه أنت.
أي: أنت التي تريدين أن تتصدقي، فاذهبي أنت، فانطلقت، قالت: فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله ﷺ حاجتي حاجتها.
أي: تريد أن تسأل نفس السؤال.
قالت: وكان رسول الله ﷺ قد ألقيت عليه المهابة.
حيث إن المرأة خجلت من أن تسأل النبي ﷺ لهيبته ﷺ، قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله ﷺ فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ كأن المرأة كانت تربي أيتامًا لها أو لغيرها، وأيضًا تريد أن تنفق على زوجها، فهل يمكن أن تعطي الصدقة لزوجها الفقير وتعطي الصدقة لأيتام تربيهم في حجرها، وهم عيال غيرها، وقالتا له: لا تخبره من نحن.
وكأن ذلك كان خوفًا على العمل من الرياء، وأيضًا هيبة من النبي ﷺ.
فدخل فقال للنبي ﷺ ذلك فقال: (من المرأتان؟ فقال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال: رسول الله ﷺ: أي الزيانب؟ فقال: امرأة عبد الله) فاستفسر النبي ﷺ ليعرف من هؤلاء من أصحابه الذين هم من أهل البر والإحسان، وكان النبي ﷺ له مهابة فاستحيتا أن تسألاه وكذلك خشيتا أن تفضحا زوجيهما.
ولكن النبي ﷺ الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، والذي هو بالمؤمنين رءوف رحيم، قال: (لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة).
وعليه فإنه يجوز للمرأة إن كانت غنية أن تعطي زوجها من صدقة مالها، بل أيضًا يجوز لها أن تعطي زوجها من زكاة مالها إن كان فقيرًا، فإذا كانت المرأة غنية - بأن ورثت عن أبيها مالًا - وزوجها فقير جاز لها أن تعطيه من زكاة مالها.

14 / 8