Sharaxa Risala Nasiha
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Noocyada
(الكلام في مسألة قديم)
[15]
وربنا سبحانه قديم .... لم تختلجنا دونه الوهوم
وهو بأوصاف العلى معلوم .... حي على عباده قيوم
ممتنع من حالة الزوال
هذا الكلام على أنه تعالى قديم، (ومعنى القديم): هو الموجود الذي لا أول لوجوده.
وللسائل ها هنا مطلبان، أحدهما: في أنه سبحانه موجود.
والثاني في أنه لا أول لوجوده:
أما أنه موجود: فقد تقدم الدليل عليه في إحتجاجنا على أن العالم محتاج في وجوده إلى مؤثر، وأن المؤثر لا يجوز أن يكون معدوما، ولأنهما يشتركان([31]) في العدم، فلا يكون أحدهما في أن([32]) يؤثر في صاحبه أولى من العكس.
وكل قول أدى إلى أن لا يفرق بين الفعل والفاعل فهو باطل.
ولأنا أيضا نعلم تعذر الفعل من الفاعل لعدم حياته وقدرته، فبأن يكون عدم ذاته في تعذر الفعل من قبله أولى وأحرى، فوجب لذلك كونه تعالى موجودا.
وأما الذي يدل على أنه لا أول لوجوده: فلأنه لو كان لوجوده أول لكان محدثا، ولو كان محدثا لاحتاج إلى محدث حتى يتصل بما لا يتناهى وذلك محال ، فيجب الإقتصار على موجود لا أول لوجوده ، وذلك هو المراد بقولنا إنه تعالى قديم ؛ لأنا لا نريد بالقديم إلا الموجود الذي لا أول لوجوده.
فإذا ثبت لله -تعالى- أنه موجود بما تقدم، وثبت أنه لا أول لوجوده لمثل ما ذكرنا وعللنا من إستحالة حدوثه؛ فثبت أنه تعالى قديم.
وقوله: (لم تختلجنا دونه الوهوم): يقول أوصلنا نظرنا إلى معرفة حقيقة ذاته سبحانه، ولم تصرفنا الوهوم: وهي الظنون، عن ذلك مثل غيرنا من الفرق؛ بل أخذنا معرفته سبحانه، ومعرفة صفاته، وما يجوز عليه ومالا يجوز عليه، بالأدلة الموصلة إلى العلم.
وقوله: (قيوم): يريد؛ قائم على عباده لحفظهم والإنعام عليهم، وهذه حاله مع كل مكلف، فمن هنالك وجبت طاعته على الجميع.
Bogga 134