Sharaxa Risala Nasiha
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Noocyada
ولا يجوز إطلاق القول بأن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان مواليا لهم، وقد قال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا(8)إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا(9)}[الإنسان:8-9] ، روي أن هذه الآيات، نزلت في السباق إلى الخيرات ، علي بن أبي طالب - عليه السلام-، ولا شك أن الأسير في تلك الحال لا يكون إلا مشركا، وعلي -عليه السلام- غير موال للمشركين؛ بل هو أشد الناس لهم عداوة بعد الرسول الأمين -صلى الله عليه وآله وسلم-، فصح أن الموالاة والمعاداة يرجعان إلى البغضة والمحبة لا سيما وقد أيد الله -تعالى - ذلك بقوله: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين(8)}[الممتحنة]، وهذا([14]) كما ترى تصريح منه سبحانه بأن برهم: وهو الإحسان إليهم، والإقساط: وهو العدل فيهم، مما يحب الله فاعله، وهم لا شك في ذلك عند أهل العلم في تلك الحال كافرون؛ ولأن الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - كان قبل المهاجرة غير محارب لهم، وإنما كان داعيا كما أمر الله - تعالى - إلى سبيله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن؛ ولا يجوز وصفه -صلوات الله عليه- بأنه والى أحدا من المشركين طرفة عين، وقد صح بمجموع هذه الأدلة التي في بعضها كفاية لمن اكتفى أن الموالاة والمعاداة -التي هي المباراة- لا يكونان إلا بالقلب، ولا شك أن التعبد به أشق؛ لأنه مما يختص الله -سبحانه- بالإطلاع عليه ؛ فيجب على العاقل أن يجتهد في أن قلبه لا يخلو من حب المؤمنين لمجرد إيمانهم، وإن لم يصل إليه منهم نفع، وفي بغض العاصين لمجرد معصيتهم، وإن لم يصل منهم ضرر؛ بل وإن وصل إليه منهم نفع ؛ لأن نفع الله له أجل، وحقه عليه أوجب، وإن لم يظهر شيئا من ذلك؛ لأغراض صحيحة دينية إما رجاء توبتهم إلى الله تعالى وإقبالهم، وإما استكفى مضرتهم، إلى غير ذلك، هذا كله في غير وقت الإمام.
فأما في وقت الإمام ففرض كل مؤمن الإئتمار والتسليم له في المحبوب والمكروه، فقد رأيت كيف دل السمع على جميع مسائل أصول الدين وفروعه وكان كما قال الله -سبحانه وتعالى- فيه:{تبيانا لكل شيء} [النحل:89] ، وكل مسألة مما قدمنا؛ عليها أدلة كثيرة، موجودة ظاهرة، من الكتاب الكريم، والسنة الشريفة الماضية، ولم نذكر معاني ما قدمنا الإحتجاج به من الآي؛ لأن أكثر مواضعها متأخرة في الترتيب، وأكثرها لا يصح الإحتجاج به ابتداء إلا بعد الدلالة العقلية، وكان مقصودنا بما ذكرنا من الآيات التنبيه والإشارة إلا أثنى الإستدلال على إمامة الحسن والحسين -عليهما السلام- وأن الإمامة مقصورة على أولادهما، فقد ذكرنا في معانيهما وجوها كافية لمن طلب الهداية.
Bogga 118