من قوله: " إلا أن يتغير طعمه أو ريحه " (1).
وغير خفي تبادر الملاقاة من أمثال تلك الكلمات عرفا، وأنس ذهن المتشرعة بأنه السبب في ما هو من أمثاله، كما لو قيل: ينجس الشيء الكذائي الثوب أو البدن أو الماء، فإنه لا يفهم منه إلا أن ملاقاته يورث ذلك، كما ادعاه غير واحد من الأعلام، منهم الأستاذ في شرح الإرشاد، قال (قدس سره): ولذا لم يحتمل أحد في مفهوم " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء " حصول الانفعال للقليل بمجاورة النجاسة.
فرع: لو وقع في غدير من الماء جيفة - مثلا - من أحد جوانبه فتغير الغدير كله بريحها، فهل يحكم بنجاسة الماء كله، أو يختص الحكم بها بالجانب الملاقي لها ويحكم بطهارة الجوانب الأخر الخالية عنها، لأنها تغيرت بمجاورة الجيفة لا بملاقاتها؟
الأقوى الحكم بالتنجيس مع صدق الوحدة في الماء بأن يقال عرفا: إن هذا الماء وقعت فيه الجيفة فغيرته.
ومثله الكلام في السافل والعالي من أجزاء ماء واحد بعد اختصاص الملاقاة بأحدهما، وتغيير صاحبه بتغييره.
ولعله لا خلاف لهم فيه، وما تقدم من اختصاص الانفعال في القليل بجزئه السافل الملاقي دون جزئه العالي، إنما كان للإجماع كما تقدم، مع ما عرفت من اختصاصه بحالة الجريان، ومفروض مسألتنا الواقف الساكن.
ومثلهما ما لو خرج بعض الجيفة من الماء، وحصل التغيير فيه بمجموع الداخل والخارج، لصدق التغيير بملاقاة العين الذي هو مناط الحكم بالانفعال، بخلاف ما لو استند إلى أحد الشقين بالخصوص، ولم يعلم أنه من الجزء الملاقي أو الجزء الخارج، فإنه قد يحكم بالطهارة، للأصل.
Bogga 38