Sharh Nahj Balagha

Ibn Abi al-Hadid d. 656 AH
83

Sharh Nahj Balagha

شرح نهج البلاغة

Baare

محمد عبد الكريم النمري

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

فإن قلت : فإن أبا بكر إنما دفعها إلى عمر حين مات ، ولا معنى للرشوة عند الموت ! قلت : لما كان عليه السلام يرى أن العدول بها عنه إلى غيره إخراج لها إلى غير جهة الاستحقاق شبه ذلك بإدلاء الإنسان بماله إلى الحاكم ، فإنه إخراج للمال إلى غير وجهه ، فكان ذلك من باب الاستعارة .

أبو بكر يعهد بالخلافة إلى عمر

وابن الخطاب هو أبو حفص عمر الفاروق ، وأبوه الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب . وأم عمر حنتمة بنت هاشم ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .

لما احتضر أبو بكر ، قال للكاتب اكتب : هذا ما عهد عبد الله بن عثمان ، آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة ، في الساعة التي يبر فيها الفاجر ، ويسلم فيها الكافر ، ثم أغمي عليه فكتب الكاتب : عمر بن الخطاب ، ثم أفاق أبو بكر ، فقال : اقرأ ما كتبت ، فقرأ وذكر اسم عمر ، فقال : أنى لك هذا ! قال : ما كنت لتعدوه ، فقال : أصبت ، ثم قال : أتم كتابك ، قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب : وذلك حيث أجال رأيه وأعمل فكره فرأى أن هذا الأمر لا يصلح آخره إلا بما يصلح به أوله ، ولا يحتمله إلا أفضل العرب مقدرة ، وأملكهم لنفسه ، وأشدهم في حال الشدة ، وأسلسهم في حال اللين ، وأعلمهم برأي ذوي الرأي ، لا يتشاغل بما لا يعنيه ، ولا يحزن لما لم ينزل به ، ولا يستحي من التعلم ، ولا يتحير عند البديهة . قوي على الأمور ، لا يجوز بشيء منها حده عدوانا ولا تقصيرا ، يرصد لما هو آت عتاده من الحذر .

فلما فرغ من الكتاب ، دخل عليه قوم من الصحابة ، منهم طلحة ؛ فقال له : ما أنت قائل لربك غدا ، وقد وليت علينا فظا غليظا ، تفرق منه النفوس ؛ وتنفض عنه القلوب ! فقال أبو بكر : أسندوني - وكان مستلقيا - فأسندوه ، فقال لطلحة : أبالله تخوفني ! إذا قال لي ذلك غدا قلت له : وليت عليهم خير أهلك .

Bogga 103