Sharh Nahj Balagha
شرح نهج البلاغة
Baare
محمد عبد الكريم النمري
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1418 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
جاء في الخبر الصحيح أن في السماء بيتا يطوف به الملائكة طواف البشر بهذا البيت اسمه الضراح ، وأن هذا البيت تحته على خط مستقيم ، وأنه المراد بقوله تعالى : ' والبيت المعمور ' ، أقسم سبحانه به لشرفه ومنزلته عنده ، وفي الحديث : إن آدم لما قضى مناسكه ، وطاف بالبيت لقيته الملائكة ، فقالت : يا آدم ؛ لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام .
قال مجاهد : إن الحاج إذا قدموا مكة استقبلتهم الملائكة ، فسلموا على ركبان الإبل ، وصافحوا ركبان الحمير ، واعتنقوا المشاة اعتناقا .
من سنة السلف أن يستقبلوا الحاج ، ويقبلوا بين أعينهم ويسألوهم الدعاء لهم ، ويبادروا ذلك قبل أن يتدنسوا بالذنوب والآثام .
وفي الحديث : إن الله تعالى قد وعد هذا البيت أن يحجه في كل سنة ستمائة ألف ، فإن نقصوا أتمهم الله بالملائكة ، وإن الكعبة تحشر كالعروس المزفوفة ، وكل من حجها متعلق بأستارها يسعون حولها ، حتى تدخل الجنة فيدخلون معها .
وفي الحديث : إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة . وفيه : أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن أن الله لا يغفر له .
عمر بن ذر الهمداني : لما قضى مناسكه أسند ظهره إلى الكعبة وقال مودعا للبيت : ما زلنا نحل إليك عروة ، ونشد إليك أخرى ، ونصعد لك أكمة ، ونهبط أخرى ، وتخفضنا أرض ، وترفعنا أخرى ، حتى أتيناك . فليت شعري بم يكون منصرفنا ؟ أبذنب مغفور ، فأعظم بها من نعمة ! أم بعمل مردود فأعظم بها من مصيبة ! فيا من له خرجنا ، وإليه قصدنا ، وبحرمه انخنا ، ارحم . يا معطي الوفد بفنائك ، فقد أتيناك بها معراة جلودها ، ذابلة أسنمتها ، نقبة أخفافها . وإن أعظم الرزية أن نرجع وقد اكتنفتنا الخيبة . اللهم إن للزائرين حقا فاجعل حقنا عليك غفران ذنوبنا ، فإنك جواد كريم ، ماجد لا ينقصك نائل ، ولا يبخلك سائل .
ابن جريج : ما ظننت أن الله ينفع أحدا بشعر عمر بن أبي ربيعة ، حتى كنت باليمن ، فسمعت منشدا ينشد قوله :
بالله قولا له في غير معتبة . . . ماذا أردت بطول المكث في اليمن
إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها . . . فما أخذت بترك الحج من ثمن !
فحركني ذلك على ترك اليمن ، والخروج إلى مكة ، فخرجت فحججت .
سمع أبو حازم امرأة حاجة ترفث في كلامها ، فقال : يا أمة الله ، ألست حاجة ! ألا تتقين الله ! فسفرت عن وجه صبيح ، ثم قالت له : أنا من اللواتي قال فيهن العرجي :
أماطت كساء الخز عن حر وجهها . . . وردت على الخدين بردا مهلهلا
من اللاء لم يحججن يبغين حسبة . . . ولكن ليقتلن البريء المغفلا
Bogga 81