Sharh Nahj Balagha
شرح نهج البلاغة
Tifaftire
محمد عبد الكريم النمري
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1418 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
فقال علي عليه السلام : أما ما ذكرت من عملنا وسيرتنا بالعدل ؛ فإن الله عز وجل يقول : ' من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ' ؛ وأنا من أن أكون مقصرا فيما ذكرت أخوف . وأما ما ذكرت من أن الحق ثقل عليهم ففارقونا لذلك ، فقد علم الله أنهم لم يفارقونا من جور ، ولا لجأوا إذ فارقونا إلى عدل ، ولم يلتمسوا إلا دنيا زائلة عنهم كان قد فارقوها ، وليسألن يوم القيامة : أللدنيا أرادوا أم لله عملوا ؟ وأما ما ذكرت من بذل الأموال واصطناع الرجال ، فإنه لا يسعنا أن نؤتي امرأ من الفيء أكثر من حقه ، وقد قال الله سبحانه وتعالى وقوله الحق : ' كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ' وقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وحده ، فكثره بعد قلة ، وأعز فئته بعد الذلة ، وإن يرد الله أن يولينا هذا الأمر يذلل لنا صعبه ، ويسهل لنا حزنه ، وأنا قابل من رأيك ما كان لله عز وجل رضا ، وأنت من آمن الناس عندي ، وأنصحهم لي ، وأوثقهم في نفسي إن شاء الله .
وذكر الشعبي ، وقال : دخلت الرحبة بالكوفة - وأنا غلام - في غلمان ؛ فإذا أنا بعلي عليه السلام قائما على صبرتين من ذهب وفضة ، ومعه مخفقة ، وهو يطرد الناس بمخفقته ثم يرجع إلى المال فيقسمه بين الناس ؛ حتى لم يبق منه شيء ، ثم انصرف ولم يحمل إلى بيته قليلا ولا كثيرا . فرجعت إلى أبي فقلت له : لقد رأيت اليوم خير الناس أو أحمق الناس ، قال : من هو يا بني ، قلت : علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، رأيته يصنع كذا ، فقصصت عليه ، فبكى ، وقال : يا بني ، بل رأيت خير الناس .
وروى محمد بن فضيل عن هارون بن عنترة ، عن زاذان ؛ قال : انطلقت مع قنبر غلام علي عليه السلام ، فإذا هو يقول : قم يا أمير المؤمنين ، فقد خبأت لك خبيئا ، قال : وما هو ويحك ! قال : قم معي ، فانطلق به إلى بيته ، وإذا بغرارة مملوءة من جامات ذهبا وفضة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، رأيتك لا تترك شيئا إلا قسمته ، فادخرت لك هذا من بيت المال ، فقال علي عليه السلام : ويحك يا قنبر ! لقد أحببت أن تدخل بيتي نارا عظيمة . ثم سل سيفه وضربه ضربات كثيرة ، فانتثرت من بين إناء مقطوع نصفه ، وآخر ثلثه ، ونحو ذلك ، ثم دعا بالناس ، فقال : اقسموه بالحصص ، ثم قام إلى بيت المال ، فقسم ما وجد فيه ، ثم رأى في البيت إبرا ومسال ، فقال : ولتقسموا هذا ، فقالوا : لا حاجة لنا فيه - وقد كان علي عليه السلام يأخذ من كل عامل مما يعمل - وقال : ليؤخذن شره مع خيره .
وروى عبد الرحمن بن عجلان ، قال : كان علي عليه السلام يقسم بين الناس والأبزاز والحرف والكمون ، وكذا وكذا .
وروى مجمع التيمي ، قال : كان علي عليه السلام يكنس بيت المال كل جمعة ، ويصلي فيه ركعتين ، ويقول : ليشهد لي يوم القيامة .
Bogga 118