اتفق شيوخنا كافة رحمهم الله ، المتقدمون منهم والمتأخرون ، والبصريون والبغداديون على أن بيعتة أبي بكر الاصدبق بيعة صحيحة شرعية ، وأنها لم تكن عن نص ن وإنما كانت بالاختيار الذي ثبت بالإجماع ، وبغير الإجماع كونه طريقا إلى الإمامة . | واختلفوا في التفضيل ، فقال قدماء البصريين كأبي عثمان عمرو بن عبيد ، وأبي إسحاق إبراهيم بن سيار النظام ، وأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، وأبي معن ثمامة بن أشرس ، وأبي محمد هشام بن عمرو والفوطي ، وأبي يعقوب يوسف بن عبد الله السحام ، وجماعة غيرهم ، إن أبا بكر أفضل من علي عليه السلام ، وهؤلاء يجعلون ترتيب الأربعة في الفضل كترتيبهم في الخلافة . | وقال البغداديون قاطبة ، قدماؤهم ومتأخروهم ، كأب يسهل بشر بن المعتمر ، وأبي موسى عيسى بن صبيح ، وأبي عبد الله جعفر بن مبشر ، وأبي جعفر الإسكافي ، وأبي الحسين الخياط ، وأبي القاسم عبد الله بن محمود البلخي وتلامذته . إن عليا عليه السلام أفضل من أبي بكر . | وأبي هذا المذهب ذهب من البصريين أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي أخيرا ، وكان من قبل من المتوقفين ، كان يميل إلى التفضيل ولا يصرح به ، وإذا صنف ذهب إلى الوقف في مصنفاته ، وقال في كثير من تصنيفاته ، إن صح خبر الطائر فعلي ذهب إلى الوقف في مصنفاته ، وقال في كثير من تصانيفه ، إن صح خبر الطائر فعلي أفضل ، ثم إن قاضي القضاة رحمه الله ذذذكر في شرح ' المقالات ' لأبي القاسم البلخي أن أبا علي رحمه الله ما مات حتى قال بتفضيل عليه اعليه السلام ، وقال : إنه نقل ذلك عنه سماعا ، ولم يوجد في شيء من مصنفاته ، وقال أيضا : إن أبا علي رحمه الله يوم مات استدنى ابنه أبا هاشم إليه ، وكان قد ضعف عن رفع الصوت ، فألقى إليه أشياء من جملتها القول بتفضيل علي عليه السلام . | وممن ذهخب من البصريين إلى تفضيله عليه السلام أبو عبد الله الحسين ابن علي البصري رضي الله عنه ، كان متحققا بتفضيله ، ومبالغا في ذلك ، وصنف فيه كتابا مفردا . | وممن ذهب إلى تفضيله عليه السلام من البصريين قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد رحمه الله ، وذكر ابن متويه عنه في كتاب الكفاية في علم الكلام أنه كان من المتوقفين بين علي عليه السلام وأبي بكر ، ثم قطع على تفضيل عليه عليه السلام بكامل المنزلة . ومن البصريين الذاهبين إلى تفضيله عليه السلام أبو محمد الحسن بن متويه صاحب ' التذكرة ' نص في كتاب الكفاية على تفضيله عليه السلام على أبي بكر ، واحتج لذك وأطال في الاحتجاج . | فهذان المذهبان كما عرفت . | وذهب كثير من الشيوخ رحمهم الله إلى التوقف فيها ، وهو قول أبي حذيفة واصل ابن عطاء ، وأبي الهذيل محمد بن الهذيل العلاف ، من المتقدمين ، وهما وإن ذهبا إلى التوقف بينه عليه السلام وبين أبي بكر وعمر قاطعان على تفضيله على عثمان . | ومن الذاهبين إلى الوقف الشيخ أبو هاشم عبد السلام بن أبي علي رحمهما الله والشيخ أبو الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري رحمه الله . | وإما نحن فنذهب إلى ما يذهب إليه شيوخنا البغداديون ، من تفضيله عليه السلام وقد ذكرنا في كتبنا الكلامية ما معنى الأفضل ، وهل المراد به الأكثر ثوابا أو الأجمع لمزايا الفضل والخلال الحميدة ، وبينا أنه عليه السلام أفضل على التفسيرين معا ، وليس هذا الكتاب موضوعا لذكر الحجاج في ذلك أو في غيره من المباحث الكلامية لتذكره ، ولهذا موضع هو أملك به . | وأما القول في البغاة عليه والخوارج ، فهو على ما أذكره لك . أما أصحاب الجمل فهم عند أصحابنا هالكون كلهم إلا عائشةى وطلحة والزبير رحمهم الله فإنهم تابوا ، ولولا لحكم لهم بالنار لإصرارهم على البغي . | وأما عسكر الشام بصفين فإنهم هالكونت كلهم عند أصحابنا لا يحكم لأحد منهم إلا بالنار لإصرارهم على البغي وموتهم عليه رؤساؤهم والاتباع جميعا . | وأما الخوارج فإنهم مرقوا عن الدين بالخبر النبوي المجمع عليه ، ولا يختلف أصحابنا في أنهم من أهل النار | وجملة الأمر أن أصحابنا يحكمونه بالنار لكل فاسق مات على فسقه ، ولا ريب في أن الباغي على الإمام الحق والخارج عليه بشبهة أو بغير فاسق ، وليس هذا مما يخصون به عليا عليه السلام ، فلو خرج قوم من المسلمين على غيره من أئمة الإسلام العدول لكان حكمهم من خرج على علي صلوات الله عليه . وقد برئ كثير من أصحابنا من قوم من الصحابة أحبطوا ثوابهم ، كالمغيرة بن شعبة وكان شيخنا أبو القاسم البلخي إذا ذكر عنده عبد الله بن الزبير ، يقول : لا خير فيه ، وقال مرة : لا يعجبني صلاته وصومه ، وليسا بنافعين له مع قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : ' لا يبغضك إلا منافق ' وقال أبو عبد الله البصري رحمه الله لما سئل عنه : ما صح عندي أنه تاب من يوم الجمل ، ولكنه استكثر مما كان عليه . | فهذه هي المذاهب والأقوال ، أما الاستدلال عليها فهو مذكور في الكتب الموضوعة لهذا الفن . | |
Bogga 13