Sharh Nahj Balagha
شرح نهج البلاغة
Tifaftire
محمد عبد الكريم النمري
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1418 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ : كانت مصر في نفس عمرو بن العاص ، لأنه هو الذي فتحها في سنة تسع عشرة من الهجرة في خلافة عمر ، فكان لعظمها في نفسه وجلالتها في صدره ، وما قد عرفه من أموالها وسعة الدنيا ، لا يستعظم أن يجعلها ثمنا من دينه ، وهذا معنى قوله : وإني بذا الممنوع قدما لمولع .
قال نصر : فقال له معاوية : يا أبا عبد الله ، أما تعلم أن مصر مثل العراق ! قال : بلى ، ولكنها إنما تكون لي إذا كانت لك ، وإنما تكون لك إذا غلبت عليا على العراق .
قال : وقد كان أهل مصر بعثوا بطاعتهم إلى علي عليه السلام ، فلما حضر عتبة بن أبي سفيان قال لمعاوية : أما ترضى أن تشتري عمرا بمصر إن هي صفت لك ! ليتك لا تغلب على الشام . فقال معاوية : يا عتبة ، بت عندنا الليلة ، فلما جن الليل على عتبة رفع صوته ليسمع معاوية ، وقال :
أيها المانع سيفا لم يهز . . . إنما ملت على خز وقز
إنما أنت خروف ماثل . . . بين ضرعين وصوف لم يجز
أعط عمرا إن عمرا تارك . . . دينه اليوم لدنيا لم تحز
يا لك الخير فخذ من دره . . . شخبه الأول وابعد ما غرز
واسحب الذيل وبادر فوقها . . . وانتهزها إن عمرا ينتهز
أعطه مصرا وزده مثلها . . . إنما مصر لمن عز فبز
واترك الحرص عليها صلة . . . واشبب النار لمقرور يكز
إن مصرا لعلي أو لنا . . . يغلب اليوم عليها من عجز
قال : فلما سمع معاوية قول عتبة ، أرسل إلى عمرو ، فأعطاه مصر ، فقال عمرو : لي الله عليك بذلك شاهد ؟ قال : نعم ، لك الله علي بذلك إن فتح علينا الكوفة ، فقال عمرو : ' والله على ما نقول وكيل ' .
فخرج عمرو من عنده ، فقال له ابناه : ما صنعت ؟ قال : أعطانا مصر طعمة ، قالا : وما مصر في ملك العرب ! قال : لا أشبع بطونكما إن لم تشبعكما مصر .
قال : وكتب معاوية له بمصر كتابه ، وكتب : على ألا ينقض شرط طاعة ، فكتب عمرو : على ألا تنقض طاعة شرطا . فكايد كل واحد منهما صاحبه .
Bogga 41