212

Sharh Nahj Balagha

شرح نهج البلاغة

Tifaftire

محمد عبد الكريم النمري

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

فحمل عمر قوله تعالى : ' أفإن مات ' على تأخر الموت ، لا على نفيه بالكلية ، قال : ولا يجب فيمن ذهل عن بعض أحكام القرآن ، لأن الأمر لو كان كذلك لوجب ألا يحفظ القرآن إلا من عرف جميع أحكامه ؛ على أن حفظ جميع القرآن غير واجب ، ولا يقدح الإخلال به في الفصل .

واعترض المرتضى رحمه الله تعالى في كتاب الشافي هذا الكلام ، فقال : لا يخلو خلاف عمر في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يكون على سبيل الإنكار لموته على كل حال والاعتقاد أن الموت لا يجوز عليه على كل وجه ، أو يكون منكرا لموته في تلك الحال من حيث لم يظهر علىالدين كله ، فإن كان الأول فهو مما لا يجوز خلاف عاقل فيه ، والعلم بجواز الموت على جميع البشر ضروري . وليس يحتاج في حصول هذا العلم إلى تلاوة الآيات التي تلاها أبو بكر . وإن كان الثاني ، فأول ما فيه أن هذا الاختلاف لا يليق بما احتج به أبو بكر عليه من قوله : ' إنك ميت ' ، لأن عمر لم ينكر على هذا الوجه جواز الموت عليه وصحته وإنما خالف في وقته . فكان يجب أن يقول لأبي بكر : وأي حجة في هذه الآيات علي ! فإني لم أمنع جواز موته ، وإنما منعت وقوع موته الآن ، وجوزته في المستقبل ، والآيات إنما تدل على جواز الموت فقط ، لا على تخصيصه بحال معينة .

وبعد ، فكيف دخلت هذه الشبهة البعيدة على عمر من بين سائر الخلق ! ومن أين زعم أنه سيعود فيقطع أيدي رجال وأرجلهم ! وكيف لم يحصل له من اليقين لما رأى من الواعية وكآبة الخلق وإغلاق الباب وصراخ النساء ما يدفع به ذلك الوهم والشبهة البعيدة ، فلم يحتج إلى موقف ! وبعد ، فيجب إن كانت هذه شبهته أن يقول في مرض النبي صلى الله عليه وسلم - وقد رأى جزع أهله وخوفهم عليه الموت ، وقول أسامة صاحب الجيش - : لم أكن لأرحل وأنت هكذا عنك الركب ؛ يا هؤلاء لا تخافوا ولا تجزعوا ، ولا تخف أنت يا أسامة ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت الآن لأنه لم يظهر على الدين كله .

Bogga 26